للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يستطيع إليه سبيلاً، وعن سعيد بن جبير وإبراهيم النخعي ومجاهد وطاووس: لو علمت رجلاً غنيّاً وجب عليه الحجّ ثم مات قبل أن يحجّ ما صليت عليه، وبعضهم كان له جار موسر فمات قبل أن يحجّ فلم يصلِّ عليه، وكان ابن عباس يقول: من مات ولم يزك ولم يحج: سأل الرجعة إلى الدنيا، وكان يفسرّه في هذ الآية قال: (رَبِّ أَرْجعُونِ) (لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْت) المؤمنون: ٩٩ - ١٠٠ قال: أحجّ ومثله فيقول: (رَبِّ لَوْلاَ أخَّرْتَنِي إلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ) المنافقون: ١٠ قال: أزكي وأحجّ، وكان يقول هذه الآية، أشد شيء على أهل التوحيد ومن كان ذا قوة على المشي أو ممن يصلح له أن يؤجّر نفسه وأمن التهلكة في خروجه فحجّ على ذلك كان فاضلاً في فعله، وللحاج الماشي بكل قدم يخطوها سبعمائة حسنة، وللراكب بكل خطوة تخطوها دابته سبعون حسنة، والقوّة على المشي من الاستطاعة عند بعض العلماء، فأما فرائض الحجّ عند جملة العلماء فستة اختلفوا منها في ثلاث وهنّ: السعي، والبيتوتة بمزدلفة عند المشعر ليلة النحر، ورمي جمرة العقبة يوم النحر، وأجمعوا على ثلاث وهنّ: الإحرام به، والوقوف بعرفة، وطواف الزيارة، ولم يختلفوا في أنّ ما سوى هذه سنّة واستحباب، ومذهبي في هذا وهو مذهب الأكثر من العلماء أنّ فرائض الحج أربعة: أولها الإحرام به والوقوف بعرفة بعد زوال الشمس من يوم عرفة، وآخر حدّ الوقوف قبل طلوع الفجر من يوم النحر، وطواف الزيارة بعد الوقوف بعرفة بعد رمي جمرة العقبة، والسعي بين الصفا والمروة بعد الإحرام بالحج إن شئت قبل الوقوف بعرفة وإن شئت بعده، وما سوى ذلك من المناسك فمسنون ومستحبّ، وبعضه أوكد من بعض، وفي ترك بعضه كفارة وفي بعضه لا حرج فيه، وطواف الحج ثلاثة: واحد فريضة إن تركه بطل حجه وهو طواف الزيارة، وواحد سنة إن تركه كان عليه دم وحجه تام وهو طواف الوداع، وواحد مستحبّ إن تركه فلا شيء عليه وهو طواف الورود، ولم نذكر من فرائض الحج وأحكامه وهيئاته في هذا الباب إلاّ قوت الأعمال، مثل ما ذكرناه من سائر الأبواب في هذا الكتاب، على ما يليق بيانه للمعنى الذي قصدناه فيه، وقد أشبعنا أحكام الحج وما يقال في المشاعر في كتاب مناسك الحج المفرد.

ذكر فضائل الحج وآدابه

وهيئاته وفضائل الحجاج وطريق السلف السالكين للمنهاج

قال الله سبحانه وتعالى: (أالحَجُّ أَشْهُرٌ مَعلُومَاتٌ َُمَنْ فَرَضَ فيهِنَّ الحَجَّ) البقرة: ١٩٦، يعني من أوجبه على نفسه في هذه الأشهر فأحرم به وهو شوال وذو القعدة وتسع من ذي الحجة فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج، الرفث اسم جامع لكل لغوٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>