للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صومه، وإنّ صوم يوم يلفق له في صيام أيام حتى يتمّ بها صوم يوم ساعة ساعة، وفي الحديث: الصوم جنة ما لم يخرقها بكذب أو غيبة، وكانوا يقولون: الغيبة تفطر الصائم، وقد كانوا يتوضؤون من أذى المسلم، وروي عن جماعة في الوضوء مما مسّت النار: لأن أتوضأ من كلمة خبيثة أحبّ إليّ من أن أتوضأ من طعام طيّب، وروي عن بشر بن الحرث عن سفيان: من اغتاب فسد صومه، وروينا عن ليث عن مجاهد: خصلتان يفسدان الصوم: الغيبة والكذب، وروي عن جابر عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خمس يفطرن الصائم: الكذب، والغيبة، والنميمة، واليمين الكاذبة، والنظر بشهوة، ويقال: إنّ من الناس من يكمل له صوم رمضان واحد في عشر رمضانات، وفي عشرين، مثل سائر الفرائض من الصلاة والزكاة التي يحاسب عليها العبد، فإن وجدت كاملة وإلاّ تممت من سائر تطوعه، ويقال: إنّ العبد يصحّ له صوم في خمسة أيام كما يصحّ له صلاة واحدة بخمس صلوات ترفع له الأوقات، وفي الخبر: من اغتاب خرق صومه فليرقع صومه بالاستغفار، ويقال: إنّ الله تعالى لم يفترض شيئاً فرضي بدونه، وأنه يطالب بما فرضه ويحاسب على ما أوجبه وعفو الله سبحانه وتعالى يأتي على كثير من الذنوب، والمراد من الصيام مجانبة الآثام لا الجوع والعطش، كما ذكرناه من أمر الصلاة أنّ المراد بها الانتهاء عن الفحشاء والمنكر، كما قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من لم يترك قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يترك طعامه وشرابه.

شرح خامس ما بني الإسلام عليه:

الحج

بالحج كمال الشريعة وتمام الملة

[ذكر فرائض الحج]

قال الله تعالى: (وَلله عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبيلاً) آل عمران: ٩٧، وفسّر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الاستطاعة بالزاد والراحلة، فإذا وجد العبد زاداً وراحلة لزمه فرض الحج، فإن أخرّه بعد وجود ذلك كان مكروهاً، فإن مات ولم يحج، أو مات على عدم الإمكان بعد وجوده، كان عاصياً لله تعالى من حين أمكنه إلى يوم موته، ولم يكن كامل الإسلام، لأن الله تعالى أكمل الإسلام بالحجّ لما أنزل هذه الآية في الحج يوم عرفة (اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دينَكُمْ وأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتي وَرَضيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً) المائدة: ٣، وفي الخبر: من لم يمنعه من الحج مرض قاطع أو سلطان جائر ومات ولم يحجّ فلا يبالي مات يهوديًّا أو نصرانيّاً، وقال عمر: لقد هممت أن أكتب إلى الأمصار بضرب الجزية على من لم يحجّ ممن

<<  <  ج: ص:  >  >>