للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الرابع والثلاثون

تفصيل الإسلام والإيمان

[وعقود شرح معاملة القلب من مذاهب أهل الجماعة]

قال الله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالعُقُودِ) المائدة: ١، وقال سبحانه وتعالى: (وَلكنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ) المائدة: ٨٩، وقال تعالى: (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فيمَا أَخْطَأتُمْ بِهِ وَلكِنْ مَا تَعمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) الأحزاب: ٥، وقال جلّ ثناؤه: (وَلكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ) البقرة: ٢٢٥، فعمد القلوب وكسبها هو عقودها وأعمالها، وعقود القلب التي هي السنّة المجتمع عليها نقلها الخلف عن السلف، ولم يختلف فيه اثنان من المؤمنين، فيها ست عشرة خصلة؛ ثمان واجبات في الدنيا، وثمان واقعات في الآخرة، فأما اللاتي هنّ في الدنيا أن يعتقد العبد أنّ الإيمان قول وعمل، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، ويقوى بالعلم، ويضعف بالجهل، وأنّ القرآن كلام الله عزّ وجلّ غير مخلوق، وعلمه القديم صفة من صفاته، وهو متكلم به بذاته، وفي الحديث عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما تقرب العبد إلى الله عزّ وجلّ بأفضل من شيء خرج منه وهو كلامه، وروينا عن ابن عباس: أنّ علياً رضي الله تعالى عنهما دعا عند قتال صفين يا كهيعص أعوذ بك من الذنوب التي توجب النقمة، وأعوذ بك من الذنوب التي تغيّر النعم، وأعوذ بك من الذنوب التي تهتك الحرم، وأعوذ بك من الذنوب التي تحبس غيث السماء، وأعوذ بك من الذنوب التي تديل الأعداء، انصرنا على من ظلمنا، قال الضحاك بن مزاحم: فكان عليّ رضي الله عنه يقدم هذه بين يدي كل شديدة، وفيما روينا عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من قوله: أعوذ بكلمات الله وأسمائه كلها، كما قال أعوذ بعزة الله وقدرته، دليل أنّ الكلام والأسماء صفات، وعن عليّ رضي الله تعالى عنه حين حكم الحكمين فنقم عليه الخوارج ذلك فقالوا: حكم في دين الله من المخلوقين، فقال: والله ما حكمت مخلوقاً، ما حكمت إلاّ القرآن، وقال أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه حين

<<  <  ج: ص:  >  >>