يساقون زمرة زمرة إلى الجنة على طبقات، قال: فنظرت إلى طبقة أحسن الناس هيئة، وأعلاهم مرتقى، وأسرعهم سبقاً، فقلت هذه أفضلهم، أكون فيهم قال: فذهبت لأخطو إليهم، وأدخل معهم في طريقهم، فإذا بملائكة حولهم قد منعوني، وقالوا: قف مكانك حتى يجيء أصحابك فتدخل معهم فقلت: تمنعوني أن أكون مع هؤلاء السابقين، فقالوا: هذا طريق لايسلكه إلاّ مَنْ لم يكن له إلاّ قميص واحد، ومن كل شيء واحد، وأنت لك قميصان ومن الأشياء زوجان، قال: فانتبهت باكياً حزيناً فجعلت على نفسي أن لا أملك من كل شيء إلا واحداً، وقد كان حذيفة المرعشي يقول: منذ أربعين سنة لم أملك إلا قيمصاً واحداً، وكان كثير من السلف إذا استجد ثوباً أو شيئاً أخرج الأوّل منهما، وكانوا يستعملون الشيء الواحد من الأشياء الكثيرة؛ وهذا كله داخل في التحقق بالزهد وهو من فضائل المتوكلين، والخبر المشهور أن رجلاً من أهل الصفة توفي فما وجدوا له كفناً، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فتشوا ثوبه قال فوجدنا داخل أزاره دينارين، فقال: كيتان، وقد كان غيره من المسلمين يموت ويخلف عدة، فلا يقول له ذلك لأنّ هذا كان حاله الزهد وإظهار الفقر فعابه الادخار. اً واشوِ نصيبك، وأخذ الخضر يأكل، ففعل ذلك موسى ثم سأله: لِمَ وقع نصفه إليك مشويّاً؟ فقال: إنه لم يبقَ لي في الدنيا أمل، وعلى ذلك فإن الادخار ينقص من فضائل الزاهدين بمقدار ما يمنع من حقيقة الزهد، وفي حديث شهر بن حوشب عن أبي أمامة في ذكر الفقير الذي أمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليّاً وأسامة، فغسلاه وكفنه ببردته فلما دفنه قال لأصحابه: إنه يبعث يوم القيامة ووجهه كالقمر ليلة البدر، ولولا خصلة كانت فيه لبعث وجهه كالشمس الضاحية فقلنا: وما هي يا رسول الله قال: إنه كان صوّاماً قوّاماً كثير الذكر لله، غير أنّه كان إذا جاءه الشتاء ادّخر حلّة الصيف لصيفه، وإذا جاءه الصيف ادّخر حلة الشتاء لشتائه من قابل، ثم قال: من أقل ما أوتيتم اليقين وعزيمة الصبر، ومن أعطى حظه منها لم يبال ما فاته من قيام الليل وصيام النهار، وحدثونا عن بعض العارفين قال: رأيت في النوم كأن القيامة قد قامت، وكان الناس يساقون زمرة زمرة إلى الجنة على طبقات، قال: فنظرت إلى طبقة أحسن الناس هيئة، وأعلاهم مرتقى، وأسرعهم سبقاً، فقلت هذه أفضلهم، أكون فيهم قال: فذهبت لأخطو إليهم، وأدخل معهم في طريقهم، فإذا بملائكة حولهم قد منعوني، وقالوا: قف مكانك حتى يجيء أصحابك فتدخل معهم فقلت: تمنعوني أن أكون مع هؤلاء السابقين، فقالوا: هذا طريق لايسلكه إلاّ مَنْ لم يكن له إلاّ قميص واحد، ومن كل شيء واحد، وأنت لك قميصان ومن الأشياء زوجان، قال: فانتبهت باكياً حزيناً فجعلت على نفسي أن لا أملك من كل شيء إلا واحداً، وقد كان حذيفة المرعشي يقول: منذ أربعين سنة لم أملك إلا قيمصاً واحداً، وكان كثير من السلف إذا استجد ثوباً أو شيئاً أخرج الأوّل منهما، وكانوا يستعملون الشيء الواحد من الأشياء الكثيرة؛ وهذا كله داخل في التحقق بالزهد وهو من فضائل المتوكلين، والخبر المشهور أن رجلاً من أهل الصفة توفي فما وجدوا له كفناً، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فتشوا ثوبه قال فوجدنا داخل أزاره دينارين، فقال: كيتان، وقد كان غيره من المسلمين يموت ويخلف عدة، فلا يقول له ذلك لأنّ هذا كان حاله الزهد وإظهار الفقر فعابه الادخار.
ذكر التداوي وتركه للمتوكّل
وتفصيل ذلك ولا ينقص التداوي أيضاً توكل العبد لأنّ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر به، وأخبر عن حكمة الله تعالى فيه فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما من داء إلاّ وله دواء عرفه من عرفه وجهله من جهله إلاّ السأم يعني الموت، وقال عليه الصلاة والسلام تداووا عباد الله، وسئل عن الدواء والرقي، هل يرد من قدر؟ فقال: هي من قدر الله، وفي الخبر المشهور: ما مررت بملأ من الملائكة إلاّ قالوا: أمُرْ أمتك بالحجامة، وفي الحديث أنّه أمر بها فقال: احتجموا السبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين، ولا يبيغ بكم الدم فيقتلكم، وفي ذكر تبيغ الدم دليل على توقيت هذا العدد من الأيام للحجامة، إلاّ أنّه أريد به هذه الأيام من الشهر، وأحسبه لأهل الحجاز خاصة لشدة حرّ البلد، كقول عمر رضي الله عنه في الماء المشمس أنه يورث البرص، سمعت أن ذلك في أرض الحجاز خاصة، وكان من