للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجال البلاء فنسأل الرضا الأولى بنا أن نسأل الرفق والعافية، فرجع الشافعي رحمه الله عن قوله هذا، وقال: أشتغفر الله تعالى وأتوب إليه، فكان بعد ذلك رحمه الله يقول: اللهم اجعل خيرتي فيما أحب وقد كان أحمد بن حنبل ويحيى بن معين رضي الله عنهما يختلفان إلى معروف بن فيروز الكرخي رحمهم الله ولم يكن يحسن من العلم والسنن ما يحسناته فكانا يسألانه، وقد روي في الخبر قيل: يا رسول الله كيف نصنع إذا جاءنا أمر لم نجده في كتاب الله تعالى ولا في سنة رسول الله فقال سلوا الصالحين واجعلوه شورى بينهم ولا تقضوا فيه أمراً دونهم.

وفي حديث معاذ رضي الله عنه: فإن جاءك ما ليس في كتاب الله تعالى ولا سنة رسول الله قال: أقضي فيه بما قضى الصالحون فقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسوله، وفي بعضها اجتهد رأيي وحدثونا عن الجنيد قال: كنت إذا قمت من عند سري السقطي قال لي: إذا فارقتني من تجالس؟ فقلت: الحارث المحاسبي فقال: نعم خذ من علمه وأدبه ودع عنك تشقيقه للكلام ورده على المتكلمين، قال: فلما وليت سمعته يقول جعلك الله صاحب حديث صوفياً ولا جعلك صوفياً صاحب حديث يعني أنك إذا ابتدأت بعلم الحديث والأثر ومعرفة الأصول والسنن ثم تزهدت وتعبدت تقدمت في علم الصوفية وكنت صوفياً عارفاً وإذا ابتدأت بالتعبد والتقوى والحال شغلت به عن العلم والسنن فخرجت إما شاطحاً أو غالطاً لجهلك بالأصول والسنن فأحسن أحوالك أن ترجع إلى العلم الظاهر، وكتب الحديث لأنه هو الأصل الذي تفرع عليه العبادة والعلم وأنت قد بودئت بالفرع قبل الأصل، وقد قيل: إنما حرموا الوصول بتضييع الأصول هو كتب الحديث ومعرفة الآثار والسنن فإذا أنمت رددت إلى الأصل فقد انحططت عن مرتبة الناقدين ونزلت من درجة العارفين وفاتك مزيد اليقين والإيمان.

وقال سفيان الثوري رضي الله عنه: كان الناس إذا طلبوا العلم عملوا فإذا عملوا أخلصوا فإذا أخلصوا هربوا وقال آخر: العالم إذا هرب من الناس فاطلبه وإذا طلب الناس فاهرب منه، وقال أبو محمد: سهل العلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل، وقال ذو النون: يقول اجلس إلى من تكلمك صفته ولا تجلس إلى من يكلمك لسانه، وقد كان الحسن قبله يقول: جالس من تكلمك أعماله ولا تجالس من يخاطبك مقاله، وقد كان طائفة يصحبون كثيراً من أهل المعرفة للتأدب بهم والنظر إلى هديهم وأخلاقهم إن لم يكونوا علماء لأن التأديب يكون بالأفعال والتعلّم يكون بالمقال، ومن أبلغ ما سمعت منهم في هذا المعنى ما قال بعض الحكماء: وعظ واحد لألف بفعل أنجح فيهم وأوقع من وعظ ألف لواحد بقول، وكان سهل يقول: العلم كله دنيا والآخرة منه العمل به والعمل هباء إلا الإخلاص، وقال مرة: الناس موتى إلا العلماء والعلماء سكارى إلا العاملين،

<<  <  ج: ص:  >  >>