أي من شر الليل إذا دخل، فليعد العبد ما ذكرناه في الورد الأول من الأدعية والتسبيح وليقل عند أذان المغرب: اللْهم هذا إقبال ليلك وإدبار نهارك وأصوات دعاتك وحضور صلاتك وشهود ملائكتك، صلّ على محمد وعلى آله وأعطه الوسيلة والفضيلة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته، ثم ليقل: رضيت بالله ربّاً وبالإسلام ديناً وبمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نبياً؛ ثلاثاً، ففي هذا أثر وفضل، وكذلك فليقل مثله إذا سمع أذان الفجر إلا أنه يقول: عند إدبار ليلك وإقبال نهارك والنص بهذا في صلاة المغرب، وكان الحسن البصري يقول: كانوا أشد تعظيماً للعشي منهم لأول النهار، وقال بعض السلف: كانوا يجعلون أول النهار للدنيا وآخره للآخرة، فإذا توارت بالحجاب انقضت أوراد النهار السبعة، فانظر أيها المسكين ماذا انقضى لك معها وماذا انقضى منك عندها وماذا قضى عليك فيها، فقد قطعت من عمرك مرحلة ونقصت من أيامك يوماً، فماذا قطعت في سفرك بقطع مرحلتك وماذا ازددت في غدك بما نقصت من يومك، قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الناس غاديان: فغاد لنفسه فمعتقها أو راهن نفسه فموبقها، وقد قال الله عزّ وجلّ في تصديق قول رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(إنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتّى) الليل: ٤، وقال في معناه:(كُلُّ نَفْسٍ بِمَاكَسَبَتْ رَهينَةٌ)(إلاّ أصْحَابَ اليَمين) المدثر: ٨٣ - ٩٣، وجاء في الخبر: لا بورك لي في يوم لا أزداد فيه خيراً، وجاء في الأثر: من استوى يوماه فهو مغبون ومن كان يومه شراً من أمسه فهو محروم، ثم دخلت أوراد الليل الخمس فتدارك الآن رحمك الله تعالى فيما يستقبل من الليل ما فات فيما مضى من النهار، فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أن الله عزّ وجلّ يبغض كل جعظريّ جوّاظ أي سمين كثير الأكل سخاب بالأسواق جيفة بالليل حمار بالنهار عالم بأمر الدنيا جاهل بأمر الآخرة.