للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

روينا عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: بُنيَ الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّداً عبده ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم شهر رمضان، وحجّ البيت، وأركان الإيمان سبعة: الإيمان بأسماء الله وصفاته، والإيمان بكتب الله تعالى وأنبيائه، والإيمان بالملائكة والشياطين، والإيمان بالجنة والنار، وأنهما قد خلقتا قبل آدم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والإيمان بالبعث بعد الموت، والإيمان بجميع أقدار الله خيرها وشرّها، حلوها ومرّها أنها من الله تعالى قضاءَ وقدراً أو مشيئةً وحكماً، وأنّ ذلك عدل منه، وحكمة بالغة، استأثر بعلم غيبها ومعنى حقائقها، لا يسأل عمّا يفعل، ولا تضرب له الأمثال بملزمات العقول وتميثلات المعقول، تعالى عن ذلك علوّاً كبيراً، وقد شهد الله سبحانه وتعالى بالضلالة على من ضرب لعبده الأمثال فقال تعالى جده: (أُنْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّوا) الإسراء: ٤٨، فكيف بمن ضرب المثل للسيد الأجلّ بعد نهيه عن ذلك وإخباره بعلم غيب ذلك، إذ يقول: فلا تضربوا لله الأمثال، إنّ الله يعلم وأنتم لا تعلمون، والإيمان بما صحّ من حديث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقبول جميعه، وافتراض طاعته وأمره على العباد، والتزام ذلك، إذ قد جعل الله تعالى طاعة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من شرط الإيمان وقرنها بطاعته، فقال تعالى: (وَأَطيعُوا الله وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنينَ) الأنفال: ١، واشترط للرحمة طاعة الرسول كما اشترط لها تقواه فقال: (وَأَطيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) النور: ٥٦، وحذّر من مخالفة أمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الإستجابة له مقامه، وجعله في المبالغة في الوصف والمدح بدلاً عنه، فقال تعالى: (فَليْحَذَرِ الَّذينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصيبَهُمْ فِتْنةٌ أَوْ يُصيبَهُمْ عَذَابٌ أَليمْ) النور: ٦٣، كما قال سبحانه وتعالى: (وَيُحَذِّرُكُمُ الله نَفْسَهُ) آل عمران: ٢٨، وقال تعالى: (اسْتَجيبُوا الله وَلِلرَّسُولِ إذَا دَعَاكُمْ لمَا يُحْييكُمْ) الأنفال: ٤٢، لأنه قال: (إنَّ الَّذينَ يُبَايِعُونَكَ إنَّمَا يُبَايَعُونَ الله) الفتح: ١،، وهذه أمدح آية في كتاب الله تعالى وأبلغ فضيلة فيه لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأنه جعله في اللفظ بدلاً عنه، وفي الحكم مقامه، ولم يدخل بينه وبينه كاف التشبيه كإنما ولا لام الملك فيقول لله تعالى وليس هذا المقام من الربوبية لخلق غير رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>