للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمْوَالَهُمْ) التوبة: ١١١، وقال في نعت عموم المؤمنين: (وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلاَ يَسأَلكُمْ أَمْوَالَكُمْ إنْ يَسْأَلَكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخِْرجْ أَضْغَانَكُمْ) محمد: ٣٦ - ٣٧، فشتان بين من وصف بالمجاهدة والصدق وبين من نعت بالخلف وعرض للمقت، وبين من وصف بالحقّ وبين من يجادل في الحق، وكم بين من قبل منه المال والنفس وبين من ردّ عليه المال ولم يسأله لما علم منه من البخل والضغن، واسم الإيمان يجمعهم ومعناه يجتمع عليهم، إلاّ أنّ مقامات الإيمان ترفع بعضهم على بعض وتفاوت بين بعضهم وبعض، كما قال تعالى: (يَرْفَعِ اللهُ الَّذينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجاتٍ) المجادلة: ١١، وكقوله: (لاَ يَسْتَوي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجةً منَ الَّذين أنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ الله الحُسْنى) الحديد: ١،، يعني الجنة على تفاوت الدرجات فيها، فجمع بينهم في الدار كما جمع بينهم في اسم الإيمان، ورفعهم في الدرجات علوّاً في المقامات، كما قال تعالى: (لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ الله وَالله بَصيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ) آل عمران: ١٦٣، وقد روينا في خبر: الإيمان عريان ولباسه التقوى وحليته الورع وثمرته العلم، ففيه دليل أنّ من لا تقوى له فلا لبس لإيمانه ومن لا ورع له فلا زينة لإيمانه ومن لا علم له فلا ثمرة لإيمانه فإن اتفق فاسق ظالم جاهل كان بالمنافقين أشبه منه بالمؤمنين وكان إيمانه إلى النفاق أقرب ويقينه إلى الشك أميل ولم يخرجه من اسم الإيمان إلا أنّ إيمانه عريان لا لبسة له، معطّل لا كسب له، كما قال: (أَوْ كَسبَتْ فِي إيمَانِهَا خَيْراً) الأنعام: ١٥٨، والنفاق مقامات قيل سبعون باباً والشرك مثل ذلك فيها طبقات.

وروي عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أربع من كنّ فيه فهو منافق خالص، وإن صام وصلّى وزعم أنه مؤمن؛ من إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان، وإذا خاصم فجر، وفي بعض هذا الحديث: وإذا عاهد غدر؛ فصارت خمساً، فإن كانت فيه واحدة منهن ففيه شعبة من نفاق حتى يدعها، وفي حديث أبي سعيد الخدري وأبي كبشة الأنماري: القلوب أربعة: قلب أجرد فيه سراج يزهر فذلك قلب المؤمن، وقلب مصفح فيه إيمان ونفاق فمثل الإيمان فيه كالبقلة يمدّها الماء العذب، ومثل النفاق فيه كمثل القرحة يمدّها القيح والصديد، فأي المدتين غلبت عليه حكم له بها، وفي لفظ آخر: أيهما غلبت عليه ذهب به،

<<  <  ج: ص:  >  >>