القرآن ولذلك حزبه الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، وكانوا يقرؤونه كذلك، وفي ذلك خبر عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكأنه حزبه على عدد هذه الآي إذ عددها ستة آلاف ومائتان وست وثلاثون آية، وقد اعتبرت ذلك في كل حزب فرأيته يتقارب، وهذا قبل أن تعمل الأخماس والعواشر والأجزاء فما سوى هذا محدث يقال: إن الحجاج جمع قرّاء البصرة والكوفة منهم: عاصم الجحدري، ومطر الوراق، وشهاب بن شريفة فأمرهم بذلك، وقد كان الحسن وابن سيرين ينكران هذه الأخماس والعواشر والأجزاء، وروي عن الشعبي وإبراهيم كراهية النقط بالحمرة وأخذ الأجر على ذلك وكانوا يقولون جردوا القرآن، وقال الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير: كان القرآن مجرداً في المصاحف، فأول ما أحدثوا فيه النقط على الباء والتاء وقالوا: لا بأس به فإنه نور له ثم أحدثوا بعده نقطاً كباراً عند منتهى الآي فقالوا: لا بأس به يعرف به رأس الآي ثم أحدثوا بعد ذلك الخواتيم والفواتح وقالوا: لا بأس به لأنها علامة تعرف بها واعلم أنه لا يجد فهم القرآن الفهم الذي يكشف بمشاهدته ويظهر من الملكوت قدره عبد فيه إحدى هذه الخصال أدنى بدعة أو مصر على ذنب أو عبد في قلبه كبراً ومقارب لهوى قد استكن في قلبه أو محب الدنيا أو عبد غير متحقق بالإيمان أو ضعيف اليقين ولا من هو واقف مع مقراه ولا عبد مهتم يتبع حروفه واختياره ولا ناظر إلى قول مفسر ساكن إلى عمله الظاهر ولا راجع إلى معقوله ولا قاض بمذاهب أهل العربية واللغة في باطن الخطاب وسر المرء وهؤلاء كلهم محجوبون بعقولهم مردودون إلى ما يقدر في علومهم موقوفون مع ما تقرر في عقولهم مزيدهم على مقدار علومهم وغرائز عقولهم وهؤلاء مشركون بعقولهم ومعلومهم عند الموحدين فهذا داخل في الشرك الخفي الذي أخفى من دبيب النمل على الصفا في الليلة الظلماء، قال محمد بن علي بن سنانة إذ معقوله وعلمه عن عقل غير كامل لأن العقل الكامل ماعقل عن الله عزّ وجلّ وفهم حكمه وكلامه، ويعقل به كلامه وقد قال الرسول صلوات الله عليه في صفة كمال العقل العاقل: من عقل عن الله سبحانه وتعالى أمره ونهيه، وفي الخبر أكثر منافقي أمتي قراؤها فهذا نفاق الوقوف مع سوى الله تعالى والنظر إلى غيره لإنفاق الشرك والإنكار لقدرة الله عزّ وجلّ فهو لا ينتقل عن التوحيد ولكنه لا ينتقل إلى مقام المزيد فإذا كان العبد ملقياً السمع بين يدي سميعه مصغياً إلى سرّ كلامه شهيد القلب لمعاني صفات شهيده ناظراً إلى قدرته تاركاً لمعقوله ومعهود علمه متبرئاً من حوله وقوته معظماً للمتكلم واقفاً على حضوره مفتقراً إلى الفهم بحال مستقيم وقلب سليم وصفاء يقين وقوة علم وتمكين سمع فصل الخطاب وشهد علم غيب الجواب وأفضل القراءة الترتيل لأنه يجمع الأمر والندب وفيه التدبر والتذكر.
روي عن علي رضي الله عنه لا خير في عبادة لا فقه فيها ولا في قراءة لا تدبر فيها، وعن ابن عباس لأن