للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضربت الأمثال به وفيه جميع ذكره وأوصافه لأن الله سبحانه وتعالى لما تكلم بهذا الكلام وخاطب به المؤمنين كان هو واجدهم وكان حاضراً معهم وقد سوى الله عزّ وجلّ بين المؤمنين في تنزيل القرآن عليهم وبين النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمعنى من المعاني فقال: (واذكروا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَما أَنْزل عَلَيْكُم مِنَ الكِتابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ) البقرة: ٢٣١ كما قال: (لَقَدْ أَنْزَلْنَا إليْكُمْ كِتَاباً فيهِ ذِكْرُكُمْ) الأنبياء: ١٠ وكذلك قال: (وَأَنْزَلْنَا إليْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلْنَّاسِ مَا نُزِّلَ إليْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) النحل: ٤٤، وقال: (كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ لِلْنَّاسِ أمْثَالَهُمْ) محمد: ٣ يعني صفاتهم وقال: ولقد أنزلنا إليكم آيات مبينات كما قال: (وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إليْكَ آياتٍ بَيِّنَاتٍ) البقرة: ٩٩، وقال عزّ وجلّ: (وَاتَّبعْ مَا يُوحَى إليْكَ واصْبِرْ) يونس: ١٠٩ ثم قال: (اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إليْكُمْ مِنْ رَبِّكُم) الأعراف: ٣ وقال: (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ) هود: ١١٢ غير أنه سبحانه عمّ الجملة بالبصائر والبيان وخصّ بالهدى والرحمة أولي التقي والإيمان، فمن ذلك قوله عزّ وجلّ: (هذا

بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) الجاثية: ٢٠: (هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلمُتَّقِينَ) آل عمران: ١٣٨، فالموقنون هم المتّقون، والمهديّون هم المرحومون وقد أمرنا بطلب فهم القرآن كما أمرنا بتلاوته. َائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) الجاثية: ٢٠: (هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلمُتَّقِينَ) آل عمران: ١٣٨، فالموقنون هم المتّقون، والمهديّون هم المرحومون وقد أمرنا بطلب فهم القرآن كما أمرنا بتلاوته.

وروينا عن نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: اقرؤوا القرآن والتمسوا غرائبه، وقال ابن مسعود: من أراد علم الأوّلين والآخرين فليثوّر القرآن، ومن حديث علي رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: والذي بعثني بالحق نبياً لتفترقنّ أمتي على أصل دينها وجماعتها على اثنين وسبعين فرقة كلها ضالّة مضلّة يدعون إلى النار، فإذا كان ذلك فعليكم بكتاب الله عزّ وجلّ فإن فيه نبأ ما كان قبلكم ونبأ ما يأتي بعدكم وحكم ما بينكم وبين من خالفه من الجبابرة قصمه الله ومن ابتغى العلم من غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين ونوره المبين وشفاؤه النافع عصمة لمن تمسك به ونجاة لمن اتبعه لا يعوجّ فيقام ولا يزيغ فيستقيم ولا تنقضي عجائبه ولا يخلقه كثرة الرد، هو الذي سمعته الجن فلمّا قضى ولّوا إلى قومهم منذرين فقالوا: يا قومنا (إنا سمعنا قرآنا عجباً يهدي إلى الرشد) الجن: ١ من قال به صدق ومن عمل به أجر ومن تمسك به هدي إلى صراط مستقيم، وروينا معناه في حديث حذيفة لما أخبره رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالاختلاف والفرقة بعده قال: فقلت يا رسول الله فما تأمرني إن أدركت ذاك؟ فقال: تعلّم كتاب الله عزّ وجلّ واعمل بما فيه فهو المخرج من ذلك، قال: فأعدت عليه فقال: تعلّم كتاب الله عزّ وجلّ واعمل بما فيه فهو المخرج من ذلك، قال: فأعدت عليه فقال: تعلّم كتاب الله واعمل بما فيه ففيه النجاة ثلاثاً، وعن علي رضي الله عنه قال: ما أسرّ إليّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيئاً كتمه الناس إلاّ أن يؤتي الله عبداً فهماً في كتابه، وعنه رضي الله عنه أنه قال: ومن فهم فسّر جمل العلم، وعن ابن عباس رضي الله عنهما وغيره في قوله عزّ وجلّ: (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَة فَقَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>