لِأَنَّ الظَّاهِرَ يُكَذِّبُهُ فِيمَا يَقُولُ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ مَقْهُورًا فِيهِمْ، فَأَمَّا الَّذِي أَسْلَمَ مِنْهُمْ فِي أَيْدِيهِمْ فَالظَّاهِرُ غَيْرُ مُكَذِّبٌ لَهُ فِيمَا يَقُولُ؛ لِأَنَّهُ مَا كَانَ مَقْهُورًا فِي أَيْدِيهِمْ، وَمَا كَانُوا يَعْلَمُونَ بِإِسْلَامِهِ، وَقَبْلَ الْعِلْمِ بِذَلِكَ مَا كَانُوا قَاصِدِينَ إلَى التَّعَرُّضِ لَهُ وَلِمَالِهِ، بَلْ كَانُوا يُعَامِلُونَهُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يُعَامِلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَلِهَذَا صَدَّقْنَاهُ فِيمَا يُخْبِرُ بِهِ.
٢٠٦٥ - وَلَوْ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ خَرَجَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَجَمِيعُ مَا جَاءَ بِهِ سَالِمٌ لَهُ؛ لِأَنَّهُ تَقَرَّرَ مِلْكُهُ بِإِحْرَازِهِ بِالدَّارِ.
٢٠٦٦ - وَإِنْ كَانَ فِيمَا جَاءَ بِهِ مِنْ مَتَاعِ الْمُسْلِمِ وَقَدْ كَانُوا أَحْرَزُوهُ فَإِنَّ صَاحِبَهُ يَأْخُذُهُ بِالْقِيمَةِ إنْ شَاءَ.
لِأَنَّ تَمَلُّكَهُ عَلَيْهِمْ بِالْقَهْرِ كَتَمَلُّكِ مُسْلِمٍ آخَرَ إلَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُسْتَوْلِي عَلَى ذَلِكَ الْمَتَاعِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ سَالِمًا لَهُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَسْلَمَ عَلَى مَالٍ فَهُوَ لَهُ» .
وَلِأَنَّ حَقَّهُ قَدْ تَقَرَّرَ بِإِسْلَامِهِ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ حَقَّ الْمَوْلَى الْقَدِيمَ إنَّمَا يَثْبُتُ إذَا انْقَطَعَ حَقُّ الْمُسْتَوْلَى.
(يُوَضِّحُهُ) : الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْأَسِيرِ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَوْ ظَهَرُوا عَلَى الدَّارِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ الْأَسِيرُ وَهَذَا الَّذِي أَسْلَمَ، فَإِنَّ مَا كَانَ مِنْ مَالِ الَّذِي أَسْلَمَ فِي يَدِهِ يَكُونُ سَالِمًا لَهُ، وَمَا كَانَ مِنْ مَالِ الْأَسِيرِ يَكُونُ غَنِيمَةً لِلْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْحَرْبِ قَدْ تَمَلَّكُوا ذَلِكَ بِالْإِحْرَازِ، فَيَكُونُ كَسَائِرِ أَمْوَالِهِمْ، فَإِنْ قَهَرُوا هَذَا الَّذِي أَسْلَمَ فِيهِمْ وَاسْتَعْبَدُوهُ فَحَالُهُ كَحَالِ الْأَسِيرِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute