فِيمَا سَبَقَ أَنَّ صُلْحَ كُلِّ سَرِيَّةٍ مُطْلَقًا يَتَقَيَّدُ بِمُدَّةِ بَقَائِهَا فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَإِنَّ الْخَوْفَ لِأَهْلِ الْحَرْبِ إنَّمَا كَانَ بِذَلِكَ السَّبَبِ.
فَإِنْ خَرَجُوا ثُمَّ رَجَعُوا غُزَاةً فَلَا بَأْسَ بِتَخْرِيبِهَا؛ لِأَنَّ حُكْمَ ذَلِكَ الصُّلْحِ قَدْ انْتَهَى بِخُرُوجِهِمْ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، إذْ حَالُهُمْ فِي الرَّجْعَةِ كَحَالِ جَيْشٍ آخَرَ، فَلَا بَأْسَ بِهَدْمِ مَا قَدَرُوا عَلَيْهِ.
٢١٦٠ - إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ الْعَدُوُّ مَرَّةً أُخْرَى، وَإِنْ كَانُوا حِينَ انْصَرَفُوا عَنْهَا دَاخِلِينَ فِي دَارِ الْحَرْبِ قَدْ صَارَ الْعَدُوُّ دُونَهَا، وَقَاتَلُوا الْمُسْلِمِينَ عَنْهَا، وَمَنَعُوهَا مِنْهُمْ، ثُمَّ قَاتَلَهُمْ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى أَجْلَوْهُمْ عَنْهَا، فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُخَرِّبُوهَا؛ أَهْلُ السَّرِيَّةِ وَغَيْرُهُمْ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ.
لِأَنَّهُمْ حِينَ قَاتَلُوا الْمُسْلِمِينَ دَفْعًا عَنْهَا فَقَدْ أَحْرَزُوهَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَانْتَبَذَ مَا كَانَ لَهُمْ فِيهَا مِنْ أَمَانٍ بِهَذَا الْإِحْرَازِ.
٢١٦١ - وَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ صَالَحُوهُمْ فِي الِابْتِدَاءِ عَلَى أَنْ يَكُفُّوا عَنْهُمْ مَجَانِيقَهُمْ، وَيَنْصَرِفُوا عَنْ حِصْنِهِمْ، فَفَعَلُوا ذَلِكَ ثُمَّ رَجَعُوا إلَيْهِمْ، فَوَجَدُوهُمْ قَدْ خَرَجُوا مِنْ الْحِصْنِ وَقَاتَلُوهُمْ حَتَّى انْهَزَمُوا وَدَخَلُوا الْحِصْنَ، فَإِنَّهُ يَحِلُّ لِلْمُسْلِمِينَ قِتَالُهُمْ وَهَدْمُ حِصْنِهِمْ.
وَلَوْ أَنَّهُمْ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْ الْحِصْنِ لَمْ يُقَاتِلُوا الْمُسْلِمِينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute