للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَلَيْهِ كُلُّ أَحَدٍ فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَمَكَانٍ، فَالْبِنْيَةُ الصَّالِحَةُ لِذَلِكَ مَعَ السَّبَبِ الْحَامِلِ عَلَيْهِ يُقَامُ مَقَامَهُ، مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَيْهِ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ يَمْنَعُهُ مِنْهُ، وَلَا يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ إنْ كَانَتْ بِهِمْ قُوَّةٌ عَلَى أَسْرِهِمْ أَنْ يَدْعُوا الصِّبْيَانَ وَالنِّسَاءَ حَتَّى يُخْرِجُوهُمْ إلَى دَارِنَا، لِمَا فِيهِ مِنْ الْكَبْتِ وَالْغَيْظِ لِلْمُشْرِكِينَ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ الْمَنْفَعَةِ لِلْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُمْ يَصِيرُونَ خَوَلًا لِلْمُسْلِمِينَ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ قَطْعِ مَنْفَعَةِ الْمُشْرِكِينَ عَنْهُمْ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، فِي قَوْلِهِ: «وَاسْتَحْيُوا شَرْخَهُمْ» .

فَأَمَّا الشَّيْخُ الْفَانِي الَّذِي لَا يُرْجَى لَهُ نَسْلٌ وَلَا مَنْفَعَةَ عِنْدَهُ، سِوَى أَنْ يُفَادَى فَإِنْ شَاءُوا أَخَذُوهُ وَأَسَرُوهُ، وَإِنْ شَاءُوا تَرَكُوهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِأَسْرِهِ لَيْسَ إلَّا تَحْصِيلُ الْمَالِ بِالْمُفَادَاةِ، وَهُمْ بِالْخِيَارِ فِيمَا يَتَمَكَّنُونَ مِنْهُ مِنْ الْأَمْوَالِ، إنْ شَاءُوا أَخَذُوهُ، وَإِنْ شَاءُوا تَرَكُوهُ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَلَيْهِمْ دَفْعُ فِتْنَةِ الْكُفْرِ، فَأَمَّا اكْتِسَابُ الْمَالِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَلَكِنَّهُ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ شَرْعًا، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَتْرُكُوا الْمَعْتُوهَ إذَا قَدَرُوا عَلَى إخْرَاجِهِ؛ لِأَنَّهُ يُرْجَى إقَامَتُهُ، وَلِأَنَّهُ يُولَدُ لَهُ وَفِي تَرْكِهِ عَوْنٌ لِلْمُشْرِكِينَ، كَمَا فِي تَرْكِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ، وَلَا يَتَعَرَّضُ لِلَّذِينَ لَا يُخَالِطُونَ النَّاسَ مِنْ الْمُتَرَهِّبِينَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرْجَى لِمِثْلِهِمْ نَسْلٌ، حَتَّى يَكُونَ فِي ذَلِكَ عَوْنٌ لِلْمُشْرِكِينَ، وَذَوُو الْآفَاتِ الَّذِينَ لَا يَقْتُلُونَ يُؤْسَرُونَ وَيُخْرَجُونَ إلَى دِيَارِنَا؛ لِأَنَّ فِي تَرْكِهِمْ فِي دَارِ الْحَرْبِ قُوَّةً لِلْمُشْرِكِينَ، فَإِنَّهُمْ يُصِيبُونَ النِّسَاءَ فَيُلَقِّحُونَ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُتْرَكُوا فِي دَارِ الْحَرْبِ إذَا ظَفِرُوا بِهِمْ فَكُلُّ مَنْ جَازَ قَتْلُهُ مِنْهُمْ فَلَا إشْكَالَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَسْرُهُ وَإِخْرَاجُهُ. - ثُمَّ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ لِلْإِمَامِ فِيهِمْ رَأْيٌ إنْ شَاءَ اسْتَرَقَّهُمْ،

<<  <   >  >>