للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَإِنْ شَاءَ قَتَلَهُمْ وَكُلُّ مَنْ لَا يَحِلُّ قَتْلُهُ إذَا لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى إخْرَاجِهِ بِأَنْ كَانُوا جَرِيدَةَ خَيْلٍ، فَلْيَدَعُوهُ وَلَا يَعْرِضُوا لَهُ. لِأَنَّ قَتْلَهُ مُحَرَّمٌ شَرْعًا لَا لِمَنْفَعَةِ أَسْرِهِ وَاسْتِرْقَاقِهِ، فَبِالْعَجْزِ عَنْ الْأَسْرِ لَا يَصِيرُ الْقَتْلُ الَّذِي هُوَ مُحَرَّمٌ مُبَاحًا لِلْمُسْلِمِينَ، وَمَا يَقْدِرُونَ عَلَى إخْرَاجِهِ مِنْ الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لَهُمْ تَرْكُهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ إخْرَاجِهِ، لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يَتَقَوَّى بِهِ الْمُشْرِكُونَ عَلَى قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ بَنِي آدَمَ.

- فَأَمَّا الْبَقَرُ وَالْغَنَمُ وَالْمَتَاعُ فَإِنْ شَاءُوا أَخْرَجُوهُ وَإِنْ شَاءُوا تَرَكُوهُ. لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يُتَقَوَّى بِهِ عَلَى الْقِتَالِ عَادَةً.

أَلَا تَرَى أَنَّ الْكُرَاعَ وَالسِّلَاحَ يُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِينَ حَمْلُهَا إلَيْهِمْ لِلتِّجَارَةِ، بِخِلَافِ سَائِرِ الْأَمْوَالِ.

- وَإِنَّ الْمُسْتَأْمَنَ فِي دَارِنَا إذَا اكْتَسَبَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ يُمْنَعُ مِنْ إدْخَالِهِ دَارَ الْحَرْبِ مَعَ نَفْسِهِ بِخِلَافِ سَائِرِ الْأَمْوَالِ فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا الْخِيَارُ لَهُمْ فِي الْمَالِ فَكَذَلِكَ فِي الْعَجُوزِ الْكَبِيرَةِ، الَّتِي لَا يُرْجَى لَهَا وَلَدٌ؛ لِأَنَّهُ لَا مَنْفَعَةَ فِيهَا سِوَى الْفِدَاءِ بِالْمَالِ، وَلِهَذَا جَازَ لِلْمُسْلِمِينَ إذَا أَسَرُوهَا، أَوْ شَيْخًا فَانِيًا أَنْ يُفَادُوهُمَا بِمَالٍ؛ لِأَنَّهُ لَا مَنْفَعَةَ لِلْمُسْلِمِينَ عِنْدَهُمَا وَلَا مَضَرَّةَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي كَوْنِهِمَا فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَكُلُّ مَنْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ مِنْ ذَوِي الْآفَاتِ وَغَيْرِهِمْ إذَا بَاشَرَ الْقِتَالَ، أَوْ حَرَّضَ عَلَى ذَلِكَ، أَوْ كَانَ مِمَّنْ يُطَاعَ

<<  <   >  >>