فِيهِمْ فَلَا بَأْسَ بِقَتْلِهِ، فَإِنَّ فِي قَتْلِهِ كَسْرَ شَوْكَتِهِمْ وَتَفَرُّقَ جَمْعِهِمْ، وَهُوَ الْمَقْصُودُ، حَتَّى أَنَّ مَلِكَ الْقَوْمِ لَوْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ امْرَأَةً أَوْ شَيْخًا فَانِيًا، فَلَا بَأْسَ بِقَتْلِهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى الْكَبْتِ وَالْغَيْظِ لَهُمْ، وَفِيهِ تَفْرِيقُ مَنَعَتِهِمْ، وَلَوْ أَنَّ رَاهِبًا أَوْ سَيَّاحًا دَلَّ الْمُشْرِكِينَ عَلَى عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ، فَعَلِمَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ، فَلَا بَأْسَ بِقَتْلِهِ؛ لِأَنَّهُ أَعَانَ الْمُشْرِكِينَ بِمَا صَنَعَ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ شَيْخٍ لَهُ رَأْيٌ فِي الْقِتَالِ، فَلَا بَأْسَ بِقَتْلِ مِثْلِهِ، عَلَى مَا رُوِيَ أَنَّ دُرَيْدَ بْنَ الصِّمَّةِ قُتِلَ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا؛ لِأَنَّهُ كَانَ ذَا رَأْيٍ فِي الْحَرْبِ.
- وَإِذَا لَقِيَ الْمُسْلِمُ أَبَاهُ الْمُشْرِكَ فِي الْقِتَالِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: ١٥] . وَلَيْسَ مِنْ الْمُصَاحَبَةِ بِالْمَعْرُوفِ الْقَصْدُ إلَى قَتْلِهِ، «وَإِنَّ حَنْظَلَةَ بْنَ أَبِي عَامِرٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ اسْتَأْذَنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، فِي قَتْلِ أَبَوَيْهِمَا فَنَهَاهُمَا، وَقَدْ كَانَ أَبُو عَامِرٍ مُشْرِكًا مُحَارِبًا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، وَابْنُ أُبَيٍّ مُنَافِقًا بَيِّنَ النِّفَاقِ» ، قَدْ شَهِدَ اللَّهُ تَعَالَى بِكُفْرِهِ، فَعَرَفْنَا أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلِابْنِ الْقَصْدُ إلَى قَتْلِ أَبِيهِ الْمُشْرِكِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْأَبَ كَانَ سَبَبًا لِإِيجَادِهِ فَيُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَكْتَسِبَ سَبَبَ إعْدَامِهِ وَكَانَ مُنْعِمًا عَلَيْهِ فِي التَّرْبِيَةِ، فَيُكْرَهُ لَهُ إظْهَارُ كُفْرَانِ النِّعْمَةِ بِالْقَصْدِ إلَى قَتْلِهِ.
٢٧٦٧ - وَبَيَانُ هَذَا فِيمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ الْخَلِيلِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute