للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- وَهُمَا فِي ذَلِكَ كَالْجَمَلِ الصَّئُولِ إذَا أَخَذَهُ رَجُلٌ فَمَنَعَهُ مِنْ الصِّيَالِ، وَهُوَ يَخَافُ إنْ خَلَّى سَبِيلَهُ أَنْ يَعُودَ لِمِثْلِ ذَلِكَ، فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَقْتُلَهُ وَيَغْرَمَهُ لِصَاحِبِهِ) ، كَمَا فِي حَالِ صِيَالِهِ، وَهَذَا، لِأَنَّ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْهُ قَدْ ظَهَرَ أَثَرُهُ فِيمَا مَضَى، فَيَتَأَيَّدُ هَذَا الظَّنُّ بِذَلِكَ الظَّاهِرِ، وَيُجْعَلُ كَالْقَائِمِ فِي الْحَالِ. أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُرَاهِقَ لَوْ كَانَ مَلِكَ الْقَوْمِ فَظَفِرُوا بِهِ وَعَجَزُوا عَنْ إخْرَاجِهِ فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِقَتْلِهِ.

لِأَنَّ فِي تَرْكِهِ خَوْفَ الْهَلَاكِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، بِاعْتِبَارِ غَالِبِ الرَّأْيِ، وَفِيمَا لَا يُمْكِنْ الْوُقُوفُ عَلَى حَقِيقَتِهِ يُبْنَى الْحُكْمُ عَلَى غَالِبِ الرَّأْيِ.

- فَإِنْ كَانُوا يَأْمَنُونَهُمَا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَكِنْ لَا يَأْمَنُونَهُمَا إنْ دَخَلَتْ سَرِيَّةٌ غَيْرُهُمْ أَنْ يُقَاتِلَا بِهِمْ أَوْ يَقْتُلَا بَعْضَهُمْ خَلَّوْا سَبِيلَهُمَا. لِأَنَّهُمْ آمَنُوا جَانِبَهُمَا، وَدُخُولُ سَرِيَّةٍ أُخْرَى بَعْدَهُمْ مَوْهُومٌ أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ مِنْ هَذَا الْجَانِبِ، أَوْ مِنْ جَانِبٍ آخَرَ، فَلَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَقْدَمُوا عَلَى قَتْلٍ حَرَامٍ بِاعْتِبَارِ هَذَا الْمَوْهُومِ.

- وَلَوْ أَنَّ رَاهِبًا نَزَلَ مِنْ صَوْمَعَتِهِ إلَى بَعْضِ مَدَائِنِهِمْ فَأَصَابَهُ الْمُسْلِمُونَ فِي الطَّرِيقِ، أَوْ فِي الْمَدِينَةِ، فَقَالُوا: إنَّمَا خَرَجْت هَارِبًا مِنْكُمْ خَوْفًا عَلَى نَفْسِي فَلَهُمْ أَلَّا يُصَدِّقُوهُ وَيَقْتُلُوهُ.

<<  <   >  >>