للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِأَنَّهُمْ وَجَدُوهُ فِي مَوْضِعِ الِاخْتِلَاطِ بِالْمُقَاتَلَةِ مِنْهُمْ، وَإِنَّمَا لَا يُقْتَلُ مَنْ لَا يُخَالِطُ النَّاسَ فَمَنْ ظَهَرَ مِنْهُمْ خِلَافَ ذَلِكَ فِيهِمْ، فَلَا بَأْسَ بِقَتْلِهِ، وَهُوَ فِيمَا يَدَّعِي مِنْ الْعُذْرِ لِنَفْسِهِ مِنْهُمْ فَلَا يُصَدَّقُ.

- وَإِنْ وَقَعَ فِي قَلْبِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ صَادِقٌ فَالْمُسْتَحَبُّ لَهُمْ أَلَّا يَقْتُلُوهُ، وَلَكِنْ يَأْخُذُونَهُ أَسِيرًا. لِأَنَّ غَالِبَ الرَّأْيِ بِمَنْزِلَةِ الْيَقِينِ فِيمَا بُنِيَ أَمْرُهُ عَلَى الِاحْتِيَاطِ، وَالْقَتْلُ مَبْنِيٌّ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنَّهُ إذَا وَقَعَ فِيهِ الْغَلَطُ لَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ، وَالْمَقْصُودُ يَحْصُلُ بِأَسْرِهِ.

- وَمَنْ وَجَدُوهُ فِي كَنِيسَةٍ أَوْ دَيْرٍ، لَمْ يُطَيِّنْ الْبَابَ عَلَى نَفْسِهِ، فَلَا بَأْسَ بِقَتْلِهِ. لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ النَّاسَ إذَا كَانُوا يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ وَيَصْدُرُونَ عَنْ رَأْيِهِمْ فَهُمْ مِنْ أَئِمَّةِ الْكُفْرِ، وَفِي قَتْلِهِمْ كَسْرُ شَوْكَةِ الْمُشْرِكِينَ.

٢٧٧٥ - وَلَوْ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ أَتَوْا رَاهِبًا فِي صَوْمَعَتِهِ فَسَأَلُوهُ عَنْ الطَّرِيقِ، أَوْ عَنْ أَهْلِ الْحَرْبِ أَيْنَ هُمْ؟ فَقَالَ: إنِّي أَعْرِفُ ذَلِكَ، وَلَكِنِّي لَا أُخْبِرُكُمْ لِأَنِّي لَا أُخْبِرُ عَنْكُمْ، فَلَيْسَ يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ؛ لِأَنَّهُ أَظْهَرَ بِعِبَارَتِهِ مَا لِأَجْلِهِ وَجَبَ تَرْكُ التَّعَرُّضِ لَهُ، وَهُوَ انْقِطَاعُهُ بِالْكُلِّيَّةِ عَنْ الْمُخَالَطَةِ مَعَ النَّاسِ، وَالنَّظَرِ فِي أُمُورِهِمْ، وَالْمَيْلِ إلَى اكْتِسَابِ مَوَدَّتِهِمْ أَوْ عَدَاوَتِهِمْ، فَإِنْ دَلَّهُمْ عَلَى الطَّرِيقِ فَوَجَدُوهُ قَدْ خَانَهُمْ، وَاسْتَبَانَ ذَلِكَ لِلْمُسْلِمِينَ فَلَا بَأْسَ بِقَتْلِهِ وَأَسْرِهِ.

<<  <   >  >>