للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَالَ: أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ يَرُدُّونَ عَلَيْهِمْ أَسْرَاهُمْ، وَيَأْخُذُونَ مِنْهُمْ أُسَرَاءَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَفِي مُفَادَاةِ الْأَسِيرِ بِالْأَسِيرِ كَلَامٌ نَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَهُوَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ جَائِزٌ، ثُمَّ رَدُّ الْأَسِيرِ عَلَيْهِمْ أَمَرُّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ دَفْعِ السِّلَاحِ إلَيْهِمْ، فَإِذَا كَانَ يَجُوزُ رَدُّ الْأَسِيرِ عَلَيْهِمْ لِاسْتِنْقَاذِ الْمُسْلِمِ، فَدَفَعَ السِّلَاحَ إلَيْهِمْ بِهَذَا يَكُونُ أَجْوَزَ.

٢٩٥٠ - وَلَوْ هَرَبَ مِنْهُمْ أَسِيرٌ فَقَالُوا لِأَسِيرٍ آخَرَ يَعْرِفُ مَكَانَهُ: دُلَّنَا عَلَيْهِ لِنَقْتُلَهُ وَإِلَّا قَتَلْنَاك، لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَدُلَّهُمْ عَلَيْهِ.

لِأَنَّ الدَّلَالَةَ الْمُمْكِنَةَ مِنْ الْقَتْلِ بِمَنْزِلَةِ مُبَاشَرَةِ الْقَتْلِ مِنْ وَجْهٍ، كَمَا فِي حَقِّ الصَّيْدِ. ثُمَّ فِي هَذَا ظُلْمُ الْأَسِيرِ الْهَارِبِ.

لِأَنَّهُمْ لَا يَتَمَكَّنُونَ مِنْهُ إلَّا بِدَلَالَتِهِ فَهُوَ بِهَذِهِ الدَّلَالَةِ يُمَكِّنُهُمْ مِنْ قَتْلِهِ. وَلَا رُخْصَةَ فِي ظُلْمِ الْمُسْلِمِ بِهَذَا الطَّرِيقِ.

وَلَوْ كَانُوا حَاصَرُوا حِصْنًا لِلْمُسْلِمِينَ فَقَالُوا لِأَسِيرٍ فِي أَيْدِيهِمْ دُلَّنَا عَلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يُؤْتَى مِنْ قِبَلِهِ الْحِصْنُ، أَوْ عَلَى مَدْخَلِ الْمَاءِ الَّذِي يَشْرَبُونَ مِنْهُ، أَوْ لَنَقْتُلَنَّك، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ إنْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ ظَفِرُوا بِالْحِصْنِ، وَقَتَلُوا مَنْ فِيهِ، أَوْ كَانَ عَلَى ذَلِكَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ. فَلَيْسَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَدُلَّهُمْ عَلَى ذَلِكَ) .

لِأَنَّهُمْ يُمَكِّنُهُمْ بِهَذِهِ الدَّلَالَةِ مِنْ قَتْلِ الْمُسْلِمِينَ، وَاسْتِرْقَاقِ ذَرَارِيِّهِمْ، وَارْتِكَابِ الْحَرَامِ مِنْ نِسَائِهِمْ.

أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قِيلَ لَهُ لَنَقْتُلَنَّك أَوْ لِتُمَكِّنَنَا مِنْ فُلَانَةَ نَزْنِي بِهَا، وَهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهَا إلَّا بِدَلَالَتِهِ، أَنَّهُ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَدُلَّ عَلَيْهَا فَكَذَلِكَ فِيمَا سَبَقَ.

وَأَكْبَرُ الرَّأْيِ كَالْيَقِينِ فِيمَا لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَةُ حَقِيقَتِهِ.

<<  <   >  >>