لِأَنَّا إنَّمَا شَرَطْنَا لَهُمْ رَدَّ أُسَرَائِهِمْ بِالْمُفَادَاةِ، وَقَدْ وَقَعَ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ ذَلِكَ، وَإِنْ تَمَّ التَّرَاضِي عَلَى الْمُفَادَاةِ بِعُلُوجٍ بِأَعْيَانِهِمْ ثُمَّ هَرَبَ أُسَرَاءُ الْمُسْلِمِينَ مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يُوَفَّى لَهُمْ بِمَا صَالَحُوهُمْ عَلَيْهِ لِيَطْمَئِنُّوا إلَى الْمُسْلِمِينَ فِي مِثْلِهِ بَعْدَ الْيَوْمِ وَلَا يَنْسُبُوهُمْ لِلْغَدْرِ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ، لِأَنَّ تَمَامَ الْمُفَادَاةِ بِالْأَخْذِ وَالْإِعْطَاءِ فَإِذَا وَقَعَ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ ذَلِكَ قَبْلَ تَمَامِ الْمُفَادَاةِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْنَا رَدُّ شَيْءٍ عَلَيْهِمْ، بِسَبَبِ تِلْكَ الْمُرَاوَضَةِ مِنْ عُلُوجِ الْمُشْرِكِينَ وَالْأَمْوَالِ.
٣١٦٣ - وَلَوْ أَنَّ الْأُسَرَاءَ هَرَبُوا مِنْهُمْ إلَى بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يَأْتُونَا بَعْدَ مَا وَقَعَ الصُّلْحُ أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهُمْ شَيْئًا، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانُوا هَرَبُوا إلَيْنَا فَالْأَفْضَلُ هُنَاكَ أَنْ نُعْطِيَهُمْ مَا شَرَطْنَاهُمْ لِأَنَّهُمْ إذَا خَرَجُوا إلَيْنَا فَنَحْنُ مَنَعْنَاهُمْ، فَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ يُشْبِهُ هَذَا مَا لَوْ كَانُوا هُمْ الَّذِينَ أَعْطَوْهُمْ إلَيْنَا، فَأَمَّا إذَا خَرَجُوا إلَيْنَا مِنْ جَانِبٍ آخَرَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَهُمْ لَيْسُوا فِي أَيْدِينَا فَلَا يَلْزَمُنَا أَنْ نَفِيَ لَهُمْ بِالْفِدَاءِ الَّذِي شَرَطْنَا إذَا كَانُوا لَا يَرَوْنَ عَلَيْنَا بِهِ شَيْئًا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا، بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ مَاتَ الْأُسَرَاءُ فِي أَيْدِيهمْ فَكَذَلِكَ إنْ هَرَبَ الْأُسَرَاءُ أَوْ كَانُوا أَهْلَ مَنَعَةٍ فَامْتَنَعُوا بِأَنْفُسِهِمْ.
لِأَنَّا لَا نَمْنَعُهُمْ الْآنَ مِنْهُمْ لِنَفِيَ لَهُمْ بِمَا شَرَطْنَا.
٣١٦٤ - وَإِذَا هَرَبُوا إلَيْنَا وَلَا مَنَعَةَ لَهُمْ فَنَحْنُ الْمَانِعُونَ لِلْأُسَرَاءِ مِنْهُمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute