للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْتِزَام الْأَحْكَامِ بِهِ فِي الدُّنْيَا، فَإِنْ قَالَ الْمُشْرِكُونَ هَذَا مِنْكُمْ نَقْضٌ لِلْعَهْدِ الَّذِي عَاهَدْتُمُونَا عَلَيْهِ فَلَمْ يُلْتَفَتْ إلَى كَلَامِهِمْ. لِأَنَّا لَا نَتَعَرَّضُ لِنُفُوسِهِمْ وَلَا لِمَا فِي أَيْدِيهِمْ، وَلَكِنَّ هَذَا الْمَحْصُورَ مُمْتَنِعٌ مِنْهُمْ فَلَا يَلْزَمُنَا الِامْتِنَاعُ عَنْ قَبُولِ الذِّمَّةِ مِنْهُ بِالشَّرْطِ.

٣٢١٣ - فَإِنْ قَالَ الْمَحْصُورُ: لَا أَكُونُ ذِمَّةً لَكُمْ، وَلَكِنْ أَمِّنُونِي حَتَّى أَخْرُجَ إلَى بِلَادِكُمْ فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: إنْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ بِهِ قَتَلْنَا أُسَرَاءَكُمْ فَإِنَّ الْإِمَامَ يَنْظُرُ إلَى ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ مَا سَأَلَ الْمَحْصُورُ مِنْ ذَلِكَ خَيْرًا لِلْمُسْلِمِينَ أَجَابَهُ إلَى ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ لَمْ يُجِبْهُ إلَى ذَلِكَ. لِأَنَّ الْإِمَامَ نُصِّبَ نَاظِرًا، وَعَقْدُ الْأَمَانِ فِي الْأَصْلِ مَشْرُوعٌ لِمَنْفَعَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَكُونُ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَلِلْإِمَامِ أَلَّا يُجِيبَهُ إلَى ذَلِكَ.

٣٢١٤ - وَلَوْ قَالَ الْمَحْصُورُ: أُسْلِمُ وَأَنْزِلُ إلَيْكُمْ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ لِلْمُسْلِمِينَ: إنْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ قَاتَلْنَاكُمْ وَقَتَلْنَا أُسَرَاءَكُمْ فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ إجَابَةُ الْمَحْصُورِ إلَى ذَلِكَ، سَوَاءٌ كَانَ بِهِمْ عَلَيْهِمْ قُوَّةٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَأَشَارَ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا طَلَبَ أَنْ يَكُونَ ذِمَّةً لَنَا وَلَا قُوَّةَ بِنَا عَلَيْهِمْ فَأَكْثَرُ أَصْحَابِنَا قَالُوا: لَا فَرْقَ فِي الْحَقِيقَةِ. لِأَنَّ فِي الْمَوْضِعَيْنِ إنَّمَا يَلْزَمُنَا الْقِيَامُ بِنُصْرَتِهِ

<<  <   >  >>