للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذَا كَانَ بِالْمُسْلِمِينَ قُوَّةٌ عَلَى ذَلِكَ فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ ذَلِكَ. لِأَنَّ حَالَ هَذَا الْمَحْصُورِ فِيهِمْ بَعْدَ مَا أَسْلَمَ لَا يَكُونُ أَقْوَى مِنْ حَالِ أَسِيرٍ مُسْلِمٍ فِيهِمْ، وَإِنَّمَا يَجِبُ الْقِيَامُ بِنُصْرَةِ الْأَسِيرِ وَالْقِتَالُ لِاسْتِنْقَاذِهِ إذَا كَانَ بِنَا قُوَّةٌ عَلَى قِتَالِهِمْ، فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَا يَجِبُ ذَلِكَ فَهَذَا مِثْلُهُ.

إلَّا أَنَّ إسْلَامَهُ صَحِيحٌ بِنَفْسِهِ، وَعَقْدُ الذِّمَّةِ لَا يَتِمُّ بِهِ، وَإِنَّمَا يَتِمُّ بِالْمُسْلِمِينَ، فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ بِهِمْ قُوَّةٌ عَلَى أَهْلِ الْحَرْبِ لَا يَجِبُ إجَابَتُهُ إلَى ذَلِكَ، فَأَمَّا مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُشِيرُ إلَى الْفَرْقِ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ مُفَادَاةَ الْأُسَارَى بِالْمُسْلِمِينَ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ، رَضِيَ الْمُسْلِمُونَ بِهِ أَوْ كَرِهُوا، وَالْمُفَادَاةُ بِأَهْلِ الذِّمَّةِ يَجُوزُ إذَا رَضُوا بِهِ، فَكَذَلِكَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ يَجُوزُ تَرْكُ الْإِجَابَةِ إلَى عَقْدِ الذِّمَّةِ إذَا لَمْ يَكُنْ بِهِمْ قُوَّةٌ عَلَى الدَّفْعِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يَجُوزُ الِامْتِنَاعُ مِنْ قَبُولِ الْإِسْلَامِ مِنْهُ وَالْقِيَامِ بِنُصْرَتِهِ لِأَجْلِ ذَلِكَ.

٣٢١٦ - وَالْعَجُوزُ الْكَبِيرَةُ الْمَأْسُورَةُ مِنْ الْمُشْرِكِينَ تَجُوزُ مُفَادَاتُهَا بِالْمَالِ. لِأَنَّهُ لَا يُرْجَى لَهَا نَسْلٌ، وَلَا يُخَافُ مِنْهَا قِتَالٌ، فَلَيْسَ فِي مُفَادَاتِهَا بِالْمَالِ مَعْنَى تَقْوِيَةِ الْمُشْرِكِينَ عَلَى قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْحَالِ وَلَا فِي الثَّانِي.

٣٢١٧ - وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ عِنْدَ حَاجَةِ الْمُسْلِمِينَ إلَى الْمَالِ جَوَّزَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مُفَادَاةَ أُسَرَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِالْمَالِ. لِأَنَّ الْحَالَ حَالَةُ الضَّرُورَةِ.

<<  <   >  >>