فَكَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُمْ مِمَّنْ يُعْتِقُهُمْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَوْ الْمُسْتَأْمَنِينَ
وَلَوْ جَاءَ أَهْلُ الْحَرْبِ بِأُسَرَاءَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَقَالُوا: نُفَادِيهِمْ بِفُلَانٍ وَفُلَانٍ وَلَمْ يَكُنْ الَّذِينَ طَلَبُوا بِحَضْرَةِ الْأَمِيرِ وَالْمُسْلِمِينَ فَأَعْطَوْهُمْ عَهْدًا إنْ دَفَعُوا إلَيْهِمْ بِهَؤُلَاءِ الْأُسَارَى لِيَبْعَثْنَ إلَيْهِمْ بِاَلَّذِينَ طَلَبُوا مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَاطْمَأَنُّوا إلَى الْمُسْلِمِينَ وَدَفَعُوا الْأُسَارَى إلَيْهِمْ فَالْمُسْتَحَبُّ لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَفُوا بِمَا شَرَطُوا لَهُمْ إذَا دَخَلُوا دَارَ الْإِسْلَامِ. لِأَنَّهُمْ الْتَزَمُوا ذَلِكَ، وَالْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ، وَلِأَنَّهُمْ لَوْ تَرَكُوا الْوَفَاءَ بِالْمَشْرُوطِ لَمْ يَطْمَئِنُّوا إلَى الْمُسْلِمِينَ فِي مِثْلِهِ بَعْدَ هَذَا، فَرُبَّمَا يَتَضَرَّرُ بِهِ الْمُسْلِمُونَ. وَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ كَانُوا فِي سَعَةٍ مِنْهُ.
لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَخْلِيصُ الْمُسْلِمِينَ، وَقَدْ حَصَلَ، وَحَبْسُهُمْ أُسَرَاءَ الْمُسْلِمِينَ ظُلْمٌ مِنْهُمْ، فَإِنَّمَا شَرَطُوا لِأَنْفُسِهِمْ مَا شَرَطُوا بِمُقَابِلَةِ تَرْكِ الظُّلْمِ، وَذَلِكَ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ اللُّزُومُ. ٣٢٢١ - وَلَكِنْ إذَا كَانَ فِي أُسَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ عَبِيدٌ فَبَدَا لَهُمْ فِي الْوَفَاءِ بِذَلِكَ الشَّرْطِ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَبْعَثُوا إلَيْهِمْ بِقِيَمِ الْعَبِيدِ.
لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُحْرِزِينَ مَالِكِينَ لَهُمْ، فَلِذَلِكَ الشَّرْطِ أَعْطَيْنَاهُمْ الْأَمَانَ فِي أَمْلَاكِهِمْ الَّذِينَ يُسَلِّمُونَهُ إلَيْنَا، وَقَدْ تَعَذَّرَ رَدُّهُمْ عَلَيْهِمْ لِإِسْلَامِ الْعَبِيدِ، فَيَجِبُ رَدُّ قِيمَتِهِمْ بِخِلَافِ الْأَحْرَارِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَمْلِكُوهُمْ بِالْأَسْرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute