للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَمَنْ كَانَ فِي الْحِصْنِ مِنْ الرِّجَالِ الزَّارِعِينَ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوا قَطُّ فَهُمْ مِنْ جُمْلَةِ الْمُقَاتِلَةِ؛ لِأَنَّ لَهُمْ بِنْيَةً صَالِحَةً لِلْقِتَالِ، فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ ذَكَرْتُمْ قَبْلَ هَذَا أَنَّ هَؤُلَاءِ بِمَنْزِلَةِ الْعُسَفَاءِ لَا يُقْتَلُونَ. قُلْنَا: قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ هُنَاكَ لَا يُسْتَحَبُّ قَتْلُهُمْ، إذَا كَانَ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَهُمُّهُمْ أَمْرُ الْحَرْبِ أَصْلًا وَلَكِنْ مَعَ هَذَا يَجُوزُ قَتْلُهُمْ، لِكَوْنِهِمْ مِنْ الْمُقَاتِلَةِ، وَتَأْوِيلُ هَذَا فِي قَوْمٍ مِنْ الزَّارِعِينَ يُكَثِّرُونَ سَوَادَ الْمُقَاتِلِينَ وَلِهَذَا كَانُوا مَعَهُمْ فِي الْحِصْنِ فَلِهَذَا جَعَلَهُمْ مِنْ الْمُقَاتِلَةِ

٣٦١١ - وَالشَّيْخُ الْكَبِيرُ الَّذِي لَا يُطِيقُ الْقِتَالَ وَلَا رَأْيَ لَهُ فِي الْحَرْبِ فَهُوَ لَيْسَ مِنْ الْمُقَاتِلَةِ، وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ بِمَنْزِلَةِ الْأَعْمَى وَالْمُقْعَدِ، فَإِنْ كَانَ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ رَأْسَ الْحِصْنَ وَيَصْدُرُونَ عَنْ رَأْيِهِ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمُقَاتِلَةِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُبَاشِرُ الْقِتَالَ، وَلِهَذَا جَازَ قَتْلُهُ إذَا أُسِرَ فَيَتَنَاوَلُهُ الْأَمَانُ أَيْضًا.

وَأَمَّا الْعَبِيدُ فَفِي الْقِيَاسِ هُمْ لَيْسُوا مِنْ الْمُقَاتِلَةِ، وَهُمْ فَيْءٌ أَجْمَعُونَ إذَا وَقَعَ الْأَمَانُ لِلْمُقَاتِلَةِ لِأَنَّهُ لَا يُمْلَكُ مَا بِهِ يَكُونُ الْقِتَالُ مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ، وَلَكِنَّهُ اسْتَحْسَنَ فَقَالَ:

٣٦١٢ - إنْ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ يُقَاتِلُ مَعَ مَوْلَاهُ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمُقَاتِلَةِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُقَاتِلُ مَعَ مَوْلَاهُ فَهُوَ لَيْسَ مِنْ الْمُقَاتِلَةِ، فَكَانَ فَيْئًا وَهُوَ دَلِيلٌ لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، فِي

<<  <   >  >>