أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، فَهَذَا وَمَا لَوْ كَانَتْ الْمُعَامَلَةُ بَيْنَهُمَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ عَلَى السَّوَاءِ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ مُلْتَزِمٌ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ حَيْثُمَا يَكُونُ، وَمَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَالٌ مَعْصُومٌ مُتَقَوِّمٌ فِي حَقِّ صَاحِبِهِ، لِبَقَاءِ الْإِحْرَازِ فِيهِ حُكْمًا، وَإِنْ كَانَ دَخَلَ إلَيْهِمْ بِأَمَانٍ، فَلِهَذَا كَانَ حَالُهُمَا فِي دَارِ الْحَرْبِ كَحَالِهِمَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، فِي كُلِّ مُعَامَلَةٍ تَجْرِي بَيْنَهُمَا، إلَّا فِي خِصَالٍ ثَلَاثٍ؛ إنْ قَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ عَمْدًا لَمْ يَجِبْ عَلَى الْقَاتِلِ قِصَاصٌ، لِقِيَامِ الشُّبْهَةِ بِكَوْنِهِمَا فِي دَارِ الْإِبَاحَةِ، وَلِأَنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ بِقُوَّةِ نَفْسِهِ عَادَةً، وَالْقَاتِلُ لَيْسَ فِي يَدِ الْإِمَامِ لِنُعِينَهُ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ، فَلَا يَجِبُ الْقِصَاصُ وَلَكِنْ تَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ
٣٧٨٣ - وَكَذَلِكَ إنْ قَتَلَهُ خَطَأً لِأَنَّ التَّعَاقُلَ بِاعْتِبَارِ التَّنَاصُرِ، وَلَا تَنَاصُرَ بَيْنَ مَنْ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَبَيْنَ مَنْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، فَلِهَذَا لَا يَكُونُ عَلَى عَاقِلَتِهِ مِنْ الدِّيَةِ شَيْءٌ، وَكَذَلِكَ إنْ ارْتَكَبَ أَحَدُهُمَا شَيْئًا مُوجِبًا لِلْحَدِّ لَمْ يَلْزَمْهُ الْحَدُّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِهِ مُلْتَزِمًا الْحَدَّ، فَأَمَّا فِيمَا سِوَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ حَالُ الْمُسْتَأْمَنِ فِي دَارِ الْحَرْبِ كَحَالِهِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَفِي الْأَسِيرَيْنِ كَذَلِكَ الْجَوَابُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى الْقَاتِلِ هَا هُنَا، وَحَالُ الْأَسِيرَيْنِ عِنْدَهُ كَحَالِ حَرْبِيَّيْنِ أَسْلَمَا فِي دَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ قَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ قَبْلَ الْخُرُوجِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ
٣٧٨٤ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute