فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يُجْبِرَهُ عَلَى الرَّدِّ فِي الْحُكْمِ، وَلَكِنْ يُفْتِيهِ بِذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَيَقُولُ: اتَّقِ اللَّهَ تَعَالَى وَرُدَّ مَا أَخَذْت؛ لِأَنَّ مَالَ الْحَرْبِيِّ هُنَاكَ مَحَلُّ التَّمَلُّكِ بِالْقَهْرِ حِينَ أَخَذَهُ الْمُسْلِمُ، لَكِنْ كَانَ عَلَيْهِ التَّحَرُّزُ عَنْ الْغَدْرِ لِلْأَمَانِ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ، فَإِنَّمَا غَدَرَ بِأَمَانِ نَفْسِهِ خَاصَّةً، فَلِهَذَا يَأْمُرُهُ بِالرَّدِّ عَلَى سَبِيلِ الْفَتْوَى، وَلَا يَجْبُرُهُ عَلَيْهِ فِي الْحُكْمِ
٣٧٨٧ - وَلَوْ أَنَّ حَرْبِيًّا أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ بَاعَ مِنْ مُسْلِمٍ مُسْتَأْمَنٍ عَبْدًا أَوْ اشْتَرَى مِنْهُ عَبْدًا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَتَقَابَضَا، ثُمَّ خَرَجَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالْمُشْتَرَى عَيْبًا، أَوْ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ بِجِزْيَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي عَلَى صَاحِبِهِ بِرَدِّ الثَّمَنِ إنْ كَانَ قَائِمًا بِعَيْنِهِ فِي يَدِهِ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ لَمْ يُضَمِّنْهُ شَيْئًا فِي الْحُكْمِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَا تَبَايَعَا عَرَضًا بِعَرَضٍ فَاسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا وَالْعَرَضُ الْآخَرُ قَائِمٌ بِعَيْنِهِ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِرَدِّهِ، وَلَوْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا لَمْ يُضَمِّنْ الْمُسْتَهْلِكَ شَيْئًا؛ لِأَنَّ هَذِهِ جِنَايَةٌ مَرَّتْ بَيْنَهُمَا فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَقَدْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ يَوْمَئِذٍ
٣٧٨٨ - إلَّا أَنَّ الَّذِي أَسْلَمَ مِنْهُمَا فِي دَارِ الْحَرْبِ كَانَ مَالُهُ مَعْصُومًا فِي الْآثَامِ دُونَ الْأَحْكَامِ، فَقُلْنَا: فِيمَا إذَا كَانَ قَائِمًا بِعَيْنِهِ، الْقَاضِي يَقْضِي بِالرَّدِّ، وَفِيمَا كَانَ مُسْتَهْلَكًا لَا يَقْضِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute