لِأَنَّ اللَّحَاقَ بِدَارِ الْحَرْبِ إذَا لَمْ يَتَّصِلْ بِهِ قَضَاءُ الْقَاضِي فِي حُكْمِ الْغَيْبَةِ، وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ نُفُوذَ تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ فِيهِ، وَهَذَا بِخِلَافِ بَيْعِ الْمُوَكِّلِ الْعَبْدَ بِنَفْسِهِ فَإِنَّ هُنَاكَ، بَعْدَ الْبَيْعِ، صَارَ الْعَبْدُ بِحَالٍ يَنْفُذُ الْعِتْقُ فِيهِ مِنْ جِهَةِ غَيْرِ الْمُوَكِّلِ، فَلَا يَنْفُذُ عِتْقُ وَكِيلِ الْبَائِعِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فِيهِ، وَأَمَّا هَا هُنَا بِمُجَرَّدِ اللَّحَاقِ قَبْلَ قَضَاءِ الْقَاضِي، مَا صَارَ الْعَبْدُ بِحَالٍ يَنْفُذُ فِيهِ عِتْقُ غَيْرِهِ، فَإِنَّ الْوَارِثَ لَوْ أَعْتَقَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَنْفُذُ عِتْقُهُ؛ فَلِهَذَا نَفَذَ عِتْقُ وَكِيلِ الْمُرْتَدِّ فِيهِ إذَا رَجَعَ الْمُرْتَدُّ مُسْلِمًا، بِخِلَافِ مَا بَعْدَ قَضَاءِ الْقَاضِي بِلَحَاقِهِ، فَقَدْ صَارَ هُنَاكَ بِحَالٍ يَنْفُذُ الْعِتْقُ مِنْ الْوَارِثِ فِيهِ فَلَا يَنْفُذُ الْعِتْقُ مِنْ وَكِيلِ الْمُرْتَدِّ فِيهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ.
٣٨٦٧ - قَالَ: وَلَوْ أَنَّ مُسْلِمًا أَوْ مُرْتَدًّا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَذِنَ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ، ثُمَّ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ مُرْتَدًّا، فَتَصَرَّفَ الْعَبْدُ، فَإِنَّ تَصَرُّفَهُ مَوْقُوفٌ فَإِنْ لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِلَحَاقِهِ حَتَّى رَجَعَ مُسْلِمًا كَانَ التَّصَرُّفُ نَافِذًا، وَكَانَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا عَلَى حَالِهِ، وَإِنْ قَضَى الْقَاضِي بِلَحَاقِهِ بَطَلَ تَصَرُّفُ الْعَبْدِ، وَخَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَأْذُونًا؛ لِأَنَّ بِلُحُوقِهِ زَالَ مِلْكُهُ زَوَالًا مَوْقُوفًا، وَالْإِذْنُ بِالتِّجَارَةِ يَتَوَقَّفُ بِحَالِ قِيَامِ مِلْكِهِ، فَإِذَا تَوَقَّفَ زَوَالُهُ عَنْ مِلْكِهِ يَتَوَقَّفُ الْإِذْنُ لِلْعَبْدِ أَيْضًا، وَتَوَقُّفُ تَصَرُّفِ الْعَبْدِ لِتَوَقُّفِ حُكْمِ الْإِذْنِ فَإِذَا عَادَ مُسْلِمًا قَبْلَ قَضَاءِ الْقَاضِي فَقَدْ تَقَرَّرَ مِلْكُهُ عَلَى مَا كَانَ، فَيَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْمَأْذُونِ وَيَكُونُ مَأْذُونًا عَلَى حَالِهِ، وَإِذَا قَضَى الْقَاضِي بِلَحَاقِهِ فَقَدْ تَقَرَّرَ حُكْمُ زَوَالِ مِلْكِهِ، فَيَتَقَرَّرُ حُكْمُ الْحَجْرِ عَلَيْهِ أَيْضًا، ثُمَّ إذَا عَادَ مُسْلِمًا، وَعَادَ الْعَبْدُ إلَى مِلْكِهِ، لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا، إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ إذْنًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute