للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِأَنَّهُ قَالَ: اُغْزُوا عَنِّي، وَالْغَزْوُ عَنْهُ إنَّمَا يَكُونُ إذَا غَزَا بِمَالِهِ، فَيُنْفِقُ مَالَهُ فِي الْغَزْوِ، وَلِيَصِلَ إلَيْهِ ثَوَابُ النَّفَقَةِ فِي الْغَزْوِ، فَلَوْ مَلَكَ الْغَازِي ذَلِكَ الْمَالَ لَكَانَ الْغَزْوُ عَنْ الْغَازِي لَا عَنْ الْآمِرِ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ إذَا قَالَ: أَحِجُّوا عَنِّي رَجُلًا حَجَّةً مِنْ مَالِي، فَأَعْطَى رَجُلًا نَفَقَةَ الْحَجِّ، فَإِنَّ الْحَاجَّ لَا يَمْلِكُ تِلْكَ النَّفَقَةَ، وَلَكِنْ يَمْلِكُ الْإِنْفَاقَ فِي طَرِيقِ الْحَجِّ لَا غَيْرُ، حَتَّى يَقَعَ الْحَجُّ عَنْ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ فَكَذَلِكَ هَا هُنَا.

وَلَكِنْ يُعْطَى أَدْنَى مَا يَكُونُ مِنْ نَفَقَةِ الْغَزْوِ فَيَغْزُو عَنْهُ.

؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ مُتَيَقَّنٌ وَالزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ مِلْكُ الْوَرَثَةِ فَلَا يَغْزُو مِنْ مَالِ الْوَرَثَةِ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْحَجِّ يُعْطَى الْحَاجُّ أَدْنَى مَا يَكُونُ مِنْ نَفَقَةِ الْحَجِّ (كَذَا هَذَا يُعْطَى أَدْنَى مَا يَكُونُ مِنْ نَفَقَةِ الْغَزْوِ) ، وَلَا يُنْفِقُ شَيْئًا مِنْ تِلْكَ النَّفَقَةِ عَلَى أَهْلِهِ، وَلَا يُنْفِقُهَا إلَّا عَلَى نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ النَّفَقَةَ لِيَصْرِفَهَا إلَى حَيْثُ شَاءَ. وَإِنَّمَا أَمَرَهُ بِالْإِنْفَاقِ فِي الْغَزْوِ عَنْهُ، فَلَا يُنْفِقُهَا فِي غَيْرِ مَا أُمِرَ، كَالْحَاجِّ عَنْ الْغَيْرِ لَا يُنْفِقُ الْمَالَ إلَّا عَلَى نَفْسِهِ فِي طَرِيقِ الْحَجِّ، فَكَذَلِكَ هَا هُنَا. قَالَ: وَلَهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ رَاجِعًا. (أَلَا تَرَى) أَنَّ الْحَاجَّ عَنْ الْغَيْرِ يُنْفِقُ ذَاهِبًا وَرَاجِعًا فَكَذَلِكَ هَا هُنَا.

<<  <   >  >>