فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ مِنْ النَّفَقَةِ رَدَّهُ عَلَى الْوَرَثَةِ.
؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ الْمَالَ بِالْقَبْضِ، إنَّمَا كَانَ لَهُ حَقُّ الصَّرْفِ إلَى نَفَقَةِ الْغَزْوِ، وَقَدْ انْقَضَى أَمْرُ الْغَزْوِ فَهَذَا فَضْلُ مَالِ الْمَيِّتِ فَيَرُدُّهُ إلَى وَرَثَتِهِ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّ الْحَاجَّ عَنْ الْغَيْرِ يَرُدُّ فَضْلَ النَّفَقَةِ إلَى وَرَثَةِ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ، فَكَذَلِكَ هَا هُنَا إلَّا أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ الْوَرَثَةُ، فَحِينَئِذٍ يَكُونُ لَهُ.
٤١٦١ - وَإِنْ قَالَ اُغْزُوا عَنِّي بِثُلُثِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أُعْطِيَ ثُلُثُهُ مَنْ يَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ، يُعْطَوْنَ نَفَقَاتِهِمْ وَيُشْتَرَى لَهُمْ الْخَيْلُ.
لِأَنَّهُ أَوْصَى بِجَمِيعِ ثُلُثِهِ فِي نَفَقَةِ الْغَزْوِ، فَيُصْرَفُ جَمِيعُ ذَلِكَ إلَيْهِ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ أَوْصَى بِغَزْوَةٍ وَاحِدَةٍ، فَلَا يُعْطِي إلَّا نَفَقَةَ غَزْوَةٍ وَاحِدَةٍ، وَيَشْتَرِي لَهُمْ الْخَيْلَ؛ لِأَنَّ أَمْرَ الْمَغْزُوِّ يَلْتَئِمُ بِالْخَيْلِ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْحَجِّ بِثُلُثِ مَالِهِ يَشْتَرِي لِلْحَاجِّ بَعِيرًا يَرْكَبُهُ كَمَا أَنَّ سَفَرَ الْحَجِّ يُقْطَعُ بِالْبَعِيرِ فَكَذَلِكَ هَا هُنَا. ثُمَّ يُعْطَوْنَ الثُّلُثَ كُلَّهُ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ لِيَغْزُوا عَنْهُ.
لِأَنَّ ذَلِكَ أَسْرَعُ لِتَنْفِيذِ وَصِيَّتِهِ وَتَحْصِيلِ مُرَادِهِ، وَهَذَا وَالْحَجُّ سَوَاءٌ. فَإِذَا رَجَعُوا رَدُّوا مَا فِي أَيْدِيهِمْ، حَتَّى يَبْعَثَ إلَى قَوْمٍ آخَرِينَ، حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْ الثُّلُثِ شَيْءٌ، لِمَا قُلْنَا: إنَّ سَبِيلَ هَذَا الثُّلُثِ أَنْ يَنْفُذَ فِي أَمْرِ الْغَزْوِ، فَيُصْرَفُ الْبَاقِي إلَيْهِ حَتَّى يَفْنَى كُلُّهُ فِي أَمْرِ الْغَزْوِ.
فَإِنْ لَمْ تَبْقَ نَفَقَةٌ وَبَقِيَتْ الْخَيْلُ بِيعَتْ، حَتَّى يُعْطِيَ أَثْمَانَهَا قَوْمًا يَغْزُونَ بِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute