فَكَانَ أَكْبَرُ هَمَّهُ هُوَ الطَّوَافُ، فَاشْتِغَالُهُ بِهِ أَوْلَى، فَإِنَّ الْمَكِّيَّ قَلَّمَا يَتَحَسَّرُ عَلَى مَا يَفُوتُهُ مِنْ الطَّوَافِ؛ فَإِنَّ الطَّوَافَ لَهُ مُمْكِنٌ فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَالصَّلَاةُ لَهَا رِفْعَةٌ عَظِيمَةٌ، فَكَانَتْ الصَّلَاةُ لَهُ أَفْضَلَ كَذَلِكَ هَا هُنَا.
٤١٧٠ - وَلَوْ كَانَ أَوْصَى بِثُلُثِهِ أَنْ يَغْزُوَ عَنْهُ فَرَأَى الْوَصِيُّ أَنْ يَدْفَعَ إلَى مَنْ يُرَابِطُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً أَوْ أَكْثَرَ، أَوْ إلَى مَنْ يَغْزُو إلَى دَارِ الْحَرْبِ، فَذَلِكَ جَائِزٌ عِنْدَنَا عَلَى مَا رَأَى الْوَصِيُّ وَإِنْ أَبَى ذَلِكَ الْوَرَثَةُ.
؛ لِأَنَّ مَصْرِفَ هَذَا كُلِّهِ إلَى الْغَزْوِ، وَلَا يَرْجِعُ إلَى الْوَرَثَةِ مِنْهُ شَيْءٌ، (فَلَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ رَأْيٌ وَلَا تَدْبِيرٌ، وَكَانَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَفْعَلَ مَا يَرَى، بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: اُغْزُ عَنِّي غَزْوَةً، فَإِنَّ الثُّلُثَ كُلَّهُ لَا يُصْرَفُ إلَى الْجِهَادِ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّ فَضْلَ النَّفَقَةِ يُرَدُّ إلَى الْوَرَثَةِ، فَكَانَ لَهُمْ رَأْيٌ وَتَدْبِيرٌ حَتَّى لَا يُقْطَعَ حَقُّهُمْ فِي الْمِيرَاثِ.
٤١٧١ - وَإِذَا أَوْصَى الرَّجُلُ بِثُلُثِ مَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، يَضَعُهُ حَيْثُ أَحَبَّ، فَذَلِكَ إلَى الْوَصِيِّ، فَإِنْ جَعَلَهُ الْوَصِيُّ لِنَفْسِهِ وَهُوَ مُحْتَاجٌ، أَوْ لِابْنِهِ أَوْ لِغَيْرِهِمْ، جَازَ مَا صَنَعَ مِنْ ذَلِكَ.
؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَوْ لَمْ يَقُلْ يَضَعُهُ حَيْثُ أَحَبَّ كَانَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَجْعَلَهُ لِنَفْسِهِ وَلِابْنِهِ، فَإِذَا قَالَ يَضَعُهُ حَيْثُ أَحَبَّ، وَقَدْ فَوَّضَ إلَيْهِ الرَّأْيَ عَلَى الْعُمُومِ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ ذَلِكَ.
٤١٧٢ - وَإِنْ جَعَلَهُ الْوَصِيُّ لِرَجُلٍ غَنِيٍّ، وَهُوَ يَعْرِفُ، لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute