للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْأَوَّلِ إذَا جَعَلَهُ الْمُوصِي لِغَنِيٍّ كَانَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لِلْفَقِيرِ.

وَوَجْهُ الْفَرْقِ فِي ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَ الْمَيِّتِ ثُلُثِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَقْتَضِي الْوَضْعَ فِي أَهْلِ الْحَاجَةِ، فَهُوَ فِي الْوَضْعِ فِي الْأَغْنِيَاءِ غَيْرُ مَأْمُورٍ، وَفِي الْوَضْعِ فِي الْفُقَرَاءِ مَأْمُورٌ، فَمَتَى وَضَعَهُ فِي غَنِيٍّ فَإِنَّمَا وَضَعَهُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمَيِّتِ، فَصَارَ مُخَالِفًا وَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَضَعْ، فَلَهُ أَنْ يَضَعَهُ فِيمَنْ أُمِرَ بِالْوَضْعِ فِيهِ، فَأَمَّا إذَا وَضَعَهُ فِي وَارِثٍ فَقِيرٍ فَقَدْ وَضَعَهُ فِي مَحَلِّهِ، فَلَمْ يَصِرْ مُخَالِفًا؛ لِأَمْرِ الْمَيِّتِ، فَصَارَ دَفْعُهُ وَوَضْعُ الْمَيِّتِ فِيهِ سَوَاءً، وَالْمَيِّتُ لَوْ وَضَعَهُ فِيهِ كَانَتْ وَصِيَّةً لِلْوَارِثِ، وَالْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ إذَا لَمْ يُجِزْهَا الْوَرَثَةُ تَصِيرُ مِيرَاثًا، كَذَلِكَ هَا هُنَا.

٤١٧٥ - وَإِذَا أَوْصَى الْمَيِّتُ أَنْ يُجْعَلُ فَرَسُهُ حَبِيسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ سِلَاحُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ يُجْعَلَ مُصْحَفُهُ حَبِيسًا يُقْرَأُ فِيهِ الْقُرْآنُ، أَوْ دَارٌ يَسْكُنُهَا الْغُزَاةُ، أَوْ يُؤَاجَرُ، فَيَكُونُ أَجْرُهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ أَرْضٌ تُزْرَعُ فَتَكُونُ غَلَّتُهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ أَوْصَى أَنْ يُجْعَلَ عَبْدُهُ وَقْفًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ يَخْدُمُ الْغُزَاةَ أَوْ يُؤَاجَرَ فَتُقْسَمُ غَلَّتُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَتَقَرَّبُ بِهِ الْعَبْدُ إلَى رَبِّهِ، وَكَذَا حَبْسُ الْفَأْسِ وَالْقَدُومِ وَالْمَزَادِ والطنجير وَالشَّفْرَةِ فَهَذَا كُلُّهُ جَائِزٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ الثُّلُثِ.

وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ دَارًا أَوْ عَقَارًا فَحَبْسٌ جَائِزٌ، وَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ مَنْقُولًا فَلَا يَجُوزُ حَبْسُهُ، إلَّا الْكُرَاعَ وَالسِّلَاحَ

<<  <   >  >>