للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِأَنَّ هَذَا بَدَلٌ عَنْ الْفَرَسِ، فَيُصْرَفُ إلَى فَرَسٍ آخَرَ لِيَقُومَ مَقَامَهُ، حَتَّى لَا تَنْقَطِعَ الصَّدَقَةُ عَنْ الْوَاقِفِ.

فَإِنْ ضَمِنَ الْوَارِثُ الْقِيمَةَ فَأَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ بِهَا عَلَى الْوَصِيِّ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ.

؛ لِأَنَّ الْفَرَسَ نَفَقَ بِفِعْلِهِ وَجِنَايَتِهِ، فَلَا يَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَ عَلَى غَيْرِهِ، كَغَاصِبِ الْغَاصِبِ وَالْمُسْتَعِيرِ مِنْ الْغَاصِبِ إذَا ضَمِنَ لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى أَحَدٍ. وَإِنْ ضَمِنَ الْوَصِيُّ فَأَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ بِالْقِيمَةِ عَلَى الْوَارِثِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ.

لِأَنَّهُ بِالضَّمَانِ مَلَكَ، فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ كَمَا قُلْنَا فِي الْغَاصِبِ إذَا ضَمِنَ وَرَجَعَ بِهِ عَلَى غَاصِبِ الْغَاصِبِ. فَإِنْ قِيلَ: لِمَ لَا يَكُونُ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْغَاصِبِ إذَا وَهَبَ الْغَصْبَ لِرَجُلٍ فَأَتْلَفَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ ثُمَّ ضَمِنَ الْغَاصِبُ، فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ بِشَيْءٍ، فَلِمَ يَرْجِعْ هُنَا؟ قُلْنَا: إذَا غَصَبَ الْغَاصِبُ أَوْ أَعَارَ فَقَدْ قَصَدَ أَنْ تَكُونَ الصِّلَةُ مِنْهُ لَا مِنْ غَيْرِهِ، فَإِذَا مَلَكَ الْمَالَ بِالضَّمَانِ فَقَدْ تَمَّتْ الصِّلَةُ مِنْهُ، فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، وَأَمَّا هَا هُنَا إنَّمَا أَعَارَهُ لِيَكُونَ صِلَةً مِنْ الْمَيِّتِ لَا مِنْهُ، وَبِالضَّمَانِ لَمْ تَتِمَّ تِلْكَ الصِّلَةُ، فَصَارَ كَأَنَّهُ قَبَضَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ وَبِغَيْرِ إذْنِهِ، فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ. وَنَظِيرُهُ رَجُلٌ أَكْرَهَ رَجُلًا عَلَى أَنْ يَهَبَ مَالَ رَجُلٍ لِآخَرَ فَوَهَبَ، ثُمَّ إنَّ الْمُكْرَهَ ضَمِنَ لِصَاحِبِ الْمَالِ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِالْمَالِ الْمَوْهُوبِ عَلَى الْمُوهَبِ لَهُ، لِمَا قُلْنَا: إنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِأَنْ تَكُونَ الصِّلَةُ مِنْهُ، إنَّمَا قَصَدَ بِأَنْ تَكُونَ الصِّلَةُ مِنْ صَاحِبِ الْمَالِ، فَإِذَا مَلَكَهُ رَجَعَ، فَكَذَلِكَ هَا هُنَا.

<<  <   >  >>