عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْإِخْرَاجُ مِنْ يَدِهِ شَرْطٌ بِأَنْ يَدْفَعَهُ إلَى غَيْرِهِ، لِيَكُونَ هُوَ الْقَيِّمُ عَلَيْهِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَلَكِنْ الْإِشْهَادُ يَكْفِي، فَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: إنَّ الْقَيِّمَ إنَّمَا يَقْبِضُهُ بِأَمْرِهِ، فَكَانَ يَدُ الْقَيِّمِ كَيَدِ الْوَاقِفِ، فَإِذَا كَانَتْ يَدُهُ كَيَدِهِ فَلَا فَائِدَةَ فِي التَّسْلِيمِ إلَيْهِ، وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: أَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّهُ لَوْ جَعَلَ دَارِهِ مَسْجِدًا فَإِنَّهُ لَا يَصِيرُ مَسْجِدًا إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لِلنَّاسِ بِالدُّخُولِ وَالصَّلَاةِ فِيهِ، فَإِذَا أَذِنَ لَهُمْ بِالصَّلَاةِ فِيهِ يَصِيرُ مَسْجِدًا.
وَلَا يُقَالُ: إنَّهُمْ يُصَلُّونَ بِإِذْنِهِ، فَيُجْعَلُ كَصَلَاتِهِ بِنَفْسِهِ بَلْ لَمْ يُجْعَلْ هَكَذَا فَكَذَلِكَ هَا هُنَا؛ وَلِأَنَّ الْأَمْوَالَ لَا تَبْقَى مَحْفُوظَةً إلَّا بِأَيْدِي الْعِبَادِ، فَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ يَدٍ مُسْتَحِقَّةٍ لِتَخَلُّفِ الْأُولَى، فَتَبْقَى فِي يَدِهِ مَحْفُوظَةً كَمَا جُعِلَتْ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ صَارَتْ، وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَنْتَفِعَ بِذَلِكَ كُلِّهِ الْقَيِّمُ وَوَلَدُهُ وَوَالِدُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ فَعَلَ هَذَا فِي مَرَضِهِ قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ، فَإِذَا فَعَلَ فِي حَيَاتِهِ وَصِحَّتِهِ أَوْلَى. وَكَذَلِكَ لِوَارِثِهِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ إذَا سَلَّمَ لَهُمْ ذَلِكَ الْقَيِّمُ الَّذِي وَلَّاهُ؛ لِأَنَّ مَا حَبَسَهُ فِي حَيَاتِهِ وَصِحَّتِهِ لَمْ يَكُنْ وَصِيَّةً.
(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ، وَيُبْدَأُ بِهِ قَبْلَ الدَّيْنِ، وَلَوْ أَرَادَ إبْطَالَهُ فِي حَيَاتِهِ لَمْ يَنْفُذْ، وَمَا لَمْ يَكُنْ وَصِيَّةً فَالْوَرَثَةُ وَغَيْرُهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ.
٤١٨٠ - وَإِنْ مَاتَ الْقَيِّمُ فِي حَيَاةِ الَّذِي حَبَسَ ذَلِكَ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ فَالْأَمْرُ فِيهِ إلَى مَنْ وَلَّاهُ الْقَيِّمُ.
ذَلِكَ لِأَنَّهُ هُوَ الْقَيِّمُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ، فَالْقَائِمُ مَقَامَهُ يَكُونُ هُوَ الْقَيِّمُ بَعْدَ وَفَاتِهِ، فَالْوَصِيُّ إذَا مَاتَ وَأَوْصَى إلَى رَجُلٍ فَإِنَّ الْوَصِيَّ الثَّانِيَ يَكُونُ هُوَ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute