فَكَذَلِكَ هَا هُنَا وَهَذَا بِخِلَافِ الْقَاضِي؛ إذَا فَوَّضَ الْقَضَاءَ إلَى غَيْرِهِ ثُمَّ مَاتَ فَإِنَّ الثَّانِيَ لَا يَكُونُ قَاضِيًا؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِمَامَ الَّذِي وَلَّى الْقَاضِيَ الْأَوَّلَ كَانَ لَهُ وِلَايَةٌ بَعْدَ تَوْلِيَةِ الْقَضَاءِ، وَلَمْ يَخْرُجْ الْأَمْرُ مِنْ يَدِهِ، بِدَلِيلِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَعْزِلَهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَيُوَلِّيَ غَيْرَهُ، فَلَمَّا كَانَتْ وِلَايَتُهُ بَاقِيَةً لَمْ يَجُزْ تَوْلِيَةُ الْقَاضِي غَيْرَهُ إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ، فَأَمَّا هَا هُنَا لَيْسَ لِلَّذِي حَبَسَ وِلَايَةٌ بَعْدَ مَا أُخْرِجَ مِنْ يَدِهِ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَعْزِلَهُ وَيَسْتَبْدِلَ غَيْرَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ فَلَمَّا كَانَتْ الْوِلَايَةُ لِلْقَيِّمِ دُونَ الَّذِي حَبَسَ كَانَ لَهُ التَّفْوِيضُ إلَى غَيْرِهِ.
٤١٨١ - فَإِنْ مَاتَ مِنْ غَيْرِ تَوْلِيَةٍ مِنْهُ لِأَحَدٍ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَجْعَلُ الْقَيِّمَ فِي ذَلِكَ مَنْ أَحَبَّ وَلَيْسَ لِلَّذِي حَبَسَهُ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ.
هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ. وَذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي كِتَابِهِ وَهِلَالٌ أَيْضًا فِي كِتَابِهِ أَنَّ الَّذِي حَبَسَهُ لَهُ أَنْ يُوَلِّيَ غَيْرَهُ، فَوَجْهُ تِلْكَ الرِّوَايَةِ، وَهُوَ أَنَّ هَذَا الْقَيِّمَ لَوْ وَلَّى غَيْرَهُ ثُمَّ مَاتَ جَازَتْ تَوْلِيَتُهُ، وَإِنَّمَا وَلَّاهُ لِوِلَايَةٍ مُسْتَفَادَةٍ مِنْ جِهَةِ الَّذِي حَبَسَ، فَلَمَّا جَازَ لِغَيْرِهِ أَنْ يُوَلِّيَ غَيْرَهُ بِوِلَايَةٍ فَلَأَنْ يَجُوزَ لِلَّذِي حَبَسَ أَنْ يُوَلِّيَ غَيْرَهُ بِوِلَايَةِ نَفْسِهِ كَانَ أَوْلَى، وَالْوَجْهُ لِمَا ذَكَرْنَا هَا هُنَا، وَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا حَبَسَهُ وَسَلَّمَهُ إلَى الْقَيِّمِ فَقَدْ أَخْرَجَ الْحَبِيسَ عَنْ مِلْكِهِ وَيَدِهِ، وَصَارَ هُوَ وَسَائِرُ الْأَجَانِبِ فِيهِ سَوَاءً.
وَكَمَا أَنَّ التَّدْبِيرَ لَيْسَ إلَى سَائِرِ الْأَجَانِبِ فَكَذَلِكَ لَا يَكُونُ التَّدْبِيرُ إلَيْهِ.
٤١٨٢ - وَإِنْ جَعَلَهُ حَبِيسًا وَاشْتَرَطَ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ هُوَ الْقَيِّمُ فِيهِ فَهَذَا بَاطِلٌ فِي الْحُكْمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute