ثُمَّ بَعْدَهُ فُلَانُ ابْنُ فُلَانٍ ثُمَّ أَنْتَ يَا هِشَامُ، ثُمَّ قَالَ: أَرَضِيت يَا أَصْلَعَ. فَلَمَّا جَازَ مِثْلُ هَذَا الشَّرْطِ فِي وِلَايَةِ السَّلْطَنَةِ، فَلَأَنْ يَجُوزَ فِي هَذِهِ الْوِلَايَةِ أَوْلَى.
٤١٨٤ - وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى رَجُلٍ مَالًا فَقَالَ خُذْ هَذَا الْمَالَ فَجَاهِدْ بِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ قَالَ اُغْزُ بِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَخَذَهُ الرَّجُلُ فَاشْتَرَى بِهِ مَتَاعًا وَكُرَاعًا وَسِلَاحًا ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا، فَقَالَ الَّذِي أَعْطَى الْمَالَ إنْ كَانَ حَيًّا أَوْ وَرَثَتُهُ إنْ كَانَ مَيِّتًا: إنَّمَا أَعْطَاهُ الْمَالَ قَرْضًا لِيُجَاهِدَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ، وَقَالَ الْمُعْطَى أَوْ وَرَثَتُهُ إنَّمَا أَعْطَاهُ إيَّاهُ عَلَى وَجْهِ الصَّدَقَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ - تَعَالَى -، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُعْطَى فِي ذَلِكَ أَوْ وَرَثَتُهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَجَاهِدْ بِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إضَافَةُ الْجِهَادِ إلَى فِعْلِ الْمُعْطِي لَا إلَى الْمَالِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِأَمْرٍ بِأَنْ يَأْتِيَ فِعْلَ الْجِهَادِ، وَإِذَا كَانَ الْجِهَادُ مُضَافًا إلَى فِعْلِهِ لَا إلَى الْمَالِ لَمْ يَصِرْ دَافِعًا لِلْمَالِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لِيَصِيرَ صَدَقَةً، فَبَقِيَ قَوْلُهُ: خُذْ هَذَا الْمَالَ مُجَرَّدًا، وَهُوَ كَلَامٌ يَحْتَمِلُ الْقَرْضَ وَيَحْتَمِلُ الصَّدَقَةَ.
فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَبَرُّعٌ وَالْقَرْضُ أَقَلُّ التَّبَرُّعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يُوجِبُ الْبَدَلَ، وَالصِّلَةُ لَا تُوجِبُ الْبَدَلَ فَحُمِلَ عَلَى الْأَقَلِّ؛ لِأَنَّ الْأَقَلَّ تَعَيَّنَ، وَهَذَا كَرَجُلٍ زَوَّجَ ابْنَتَهُ وَسَلَّمَهَا إلَى الزَّوْجِ مَعَ جِهَازِهَا، ثُمَّ مَاتَتْ الِابْنَةُ، فَقَالَ الزَّوْجُ: كَانَ الْمَالُ صِلَةً لَهَا فَلِي مِنْهُ الْمِيرَاثُ، وَقَالَ الْأَبُ: لَا بَلْ كُنْتُ أَعَرْتهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَبِ لِمَا أَنَّ الْعَارِيَّةَ تَبَرُّعٌ وَالْهِبَةَ تَبَرُّعٌ، وَالْعَارِيَّةُ أَقَلُّهُمَا فَحُمِلَ عَلَى الْأَقَلِّ، فَكَذَلِكَ هَا هُنَا.
فَإِنْ كَانَ الْمُعْطِي حَيًّا حَلَفَ أَلْبَتَّةَ بِاَللَّهِ مَا أَعْطَاهُ إلَّا عَلَى وَجْهِ الْقَرْضِ ثُمَّ أَخَذَ مَالَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute