للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قُلْنَا هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ بِاعْتِبَارِ الضَّرُورَةِ، وَالثَّابِتُ بِالضَّرُورَةِ يَتَقَدَّرُ بِقَدَرِ الضَّرُورَةِ.

أَلَا تَرَى أَنَّ الْغَنِيمَةَ الَّتِي لَا نَفْلَ فِيهَا إذَا قُسِّمَتْ بَيْنَ الْغَانِمِينَ فَالطَّعَامُ وَغَيْرُ الطَّعَامِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ؟ وَلَمْ يَدُلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ قَبْلَ الْقِسْمَةِ لَمْ تَكُنْ بَاقِيَةً عَلَى أَصْلِ الْإِبَاحَةِ، فَكَذَلِكَ حُكْمُ الْمُنَفَّلِ. وَلِهَذَا لَا يُبَاحُ التَّنَاوُلُ مِنْ الطَّعَامِ وَالْعَلَفِ لِلتُّجَّارِ الَّذِينَ لَا يُقَاتِلُونَ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بِاعْتِبَارِ الضَّرُورَةِ. وَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ فِي حَقِّ الْغُزَاةِ الَّذِينَ لَهُمْ شَرِكَةٌ فِي الْقِسْمَةِ دُونَ التُّجَّارِ. وَلَوْ تَنَاوَلَ التُّجَّارُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ أَوْ عَلَفُوا دَوَابَّهُمْ لَمْ يَغْرَمُوا شَيْئًا؛ لِأَنَّ بِاعْتِبَارِ الِاسْتِثْنَاءِ الَّذِي قُلْنَا لَا يَتَأَكَّدُ الْحَقُّ فِيهَا، مَا دَامُوا فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَمَنْ اسْتَهْلَكَ شَيْئًا مِنْهَا لَمْ يَكُنْ ضَامِنًا الْمُنَفَّلَ، وَغَيْرُ الْمُنَفَّلِ فِيهِ سَوَاءٌ، بِمَنْزِلَةِ قَتْلِ الرِّجَالِ عَلَى مَا قَرَّرْنَا.

١٠٥١ - قَالَ: وَلَوْ أَنَّ السَّرِيَّةَ أَصَابُوا أَرَاضِي بِمَا فِيهَا. فَلَهُمْ النَّفَلُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، لِتَعْمِيمِ التَّنْفِيلِ مِنْ الْإِمَامِ.

فَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ أَنْ يَمُنَّ بِهَا عَلَى أَهْلِهَا وَيَجْعَلَهُمْ ذِمَّةً فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ.

لِأَنَّهُ نُصِّبَ نَاظِرًا، فَرُبَّمَا رَأَى النَّظَرَ فِي ذَلِكَ.

وَلَيْسَ لِأَصْحَابِ النَّفْلِ أَنْ يَأْبَوْا ذَلِكَ عَلَيْهِ.

لِأَنَّ حَقَّهُمْ فِي النَّفْلِ كَحَقِّ الْغَانِمِينَ فِي الْغَنَائِمِ الْمُحْرَزَةِ. وَلِلْإِمَامِ وِلَايَةُ الْمَنِّ هُنَاكَ فَكَذَلِكَ هُنَا.

١٠٥٢ - إلَّا أَنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَسْتَرْضِيَهُمْ بِأَنْ يُعْطِيَهُمْ عِوَضًا مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ وَاسْتُدِلَّ عَلَيْهِ بِفِعْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَإِنَّهُ حِينَ بَعَثَ النَّاسَ إلَى

<<  <   >  >>