للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِأَنَّ التَّلَفَ هَا هُنَا حَصَلَ بِمَا لَا يَتَأَتَّى لَهُمْ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ. فَلَا يَكُونُوا بِهِ مُسْتَرِدِّينَ لِمَا أَقَامُوا، إلَّا أَنَّهُمْ إذَا ادَّعَوْا ذَلِكَ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ الْقَوْلُ قَوْلُهُمْ مَعَ الْيَمِينِ. لِأَنَّ أَصْلَ قَبْضِهِمْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْأَمَانَةِ عِنْدَهُ، فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْأَمِينِ مَعَ الْيَمِينِ. وَعِنْدَهُمَا لَا يُصَدَّقُونَ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. لِأَنَّ قَبْضَهُمْ (ص ٢٨٦) قَبْضُ ضَمَانٍ عِنْدَهُمَا. وَلِهَذَا لَوْ تَلِفَ بَعْدَ الْخُرُوجِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ كَانُوا ضَامِنِينَ، وَالضَّامِنُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِحُجَّةٍ، بِمَنْزِلَةِ الْغَاصِبِ.

- وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَمِيرُ الْعَسْكَرِ رَجُلًا يَحْمِلُ رَقِيقًا وَسَبْيًا مِنْ الْغَنِيمَةِ، صِغَارًا أَوْ كِبَارًا، عَلَى دَوَابِّهِ، إلَى مَكَان مَعْلُومٍ، فَحَمَلَهُمْ. فَعَطَبُوا فِي دَارِ الْحَرْبِ مِنْ سِيَاقِهِ أَوْ لَا مِنْ سِيَاقِهِ، بِمَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ أَوْ بِمَا لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ. فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.

١٥٧١ - وَكَذَلِكَ إنْ هَلَكُوا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ إذَا لَمْ يُعْلَمْ مِنْ جِهَتِهِ اسْتِهْلَاكٌ أَوْ تَضْيِيعٌ أَوْ عُنْفٌ فِي سَوْقِ الدَّابَّةِ. بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمَحْمُولُ مَتَاعًا سِوَى بَنِي آدَمَ، فَهُنَاكَ يَضْمَنُ مَا عَطِبَ مِنْ سِيَاقِهِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ. وَهَذَا لِأَنَّ الضَّمَانَ الْوَاجِبَ فِي الْآدَمِيِّ ضَمَانُ جِنَايَةٍ. وَهُوَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ ضَمَانِ الْعَقْدِ. وَوُجُوبُ الضَّمَانِ عَلَى الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ بِاعْتِبَارِ الْعَقْدِ، وَلَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُ الْعَقْدِ فِي ضَمَانٍ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ ضَمَانِ الْعَقْدِ. بِخِلَافِ ضَمَانِ الْأَمْتِعَةِ. وَلِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ يَصِيرُ مُسْلِمًا إلَى الرَّاكِبِ إذَا كَانَ مِنْ بَنِي آدَمَ فَيَخْرُجُ مِنْ ضَمَانِ الْأَجِيرِ، بِخِلَافِ الْأَمْتِعَةِ. ثُمَّ يَكُونُ لَهُ الْأَجْرُ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي حَمَلَهُمْ إلَيْهِ.

<<  <   >  >>