للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ اسْتَعَارَ ذَلِكَ (ص ٣١٩) الْفَرَسَ بِعَيْنِهِ ثَانِيًا وَقَاتَلَ عَلَيْهِ كَانَ فَارِسًا؟

١٧٦٥ - وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّهُ اشْتَرَى فَرَسًا أَوْ وُهِبَ لَهُ أَوْ اسْتَأْجَرَهُ. لِأَنَّ الثَّانِي فَوْقَ الْأَوَّلِ فِي الْمَعْنَى الَّذِي انْعَقَدَ بِهِ سَبَبُ الِاسْتِحْقَاقِ لَهُ، فَيَبْقَى ذَلِكَ الِاسْتِحْقَاقُ بِاعْتِبَارِهِ. وَيَسْتَوِي إنْ كَانَ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ فَرَسًا، كَانَ صَاحِبُهُ بِهِ فَارِسًا أَوْ لَمْ يَكُنْ. لِأَنَّ بِالْإِجَارَةِ يَخْرُجُ صَاحِبُهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ فَارِسًا بِهِ، بِخِلَافِ الْإِعَارَةِ، وَهَذَا لِأَنَّ بِالْإِجَارَةِ يَزُولُ تَمَكُّنُ صَاحِبِهِ مِنْ الْقِتَالِ عَلَيْهِ، بِمَا أَوْجَبَ مِنْ الْحَقِّ لِلْمُسْتَأْجَرِ، وَبِالْإِعَارَةِ لَا يَزُولُ ذَلِكَ. أَلَا تَرَى لَوْ أَنَّهُ آجَرَ نَفْسَهُ لِلْخِدْمَةِ مُدَّةً مَعْلُومَةً فِي دَارِ الْحَرْبِ لَمْ يَكُنْ لَهُ سَهْمٌ؟ وَلَوْ أَعَانَ غَازِيًا وَخَدَمَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا يَبْطُلُ بِهِ سَهْمُهُ، فَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي سَهْمِ فَرَسِهِ.

١٧٦٦ - وَلَوْ اشْتَرَى فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَرَسًا وَلَمْ يَقْبِضْهُ، حَتَّى دَخَلَا دَارَ الْحَرْبِ، ثُمَّ نَقَدَ الثَّمَنَ وَقَبَضَ الْفَرَسَ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَاجِلٌ فِي جَمِيعِ الْغَنَائِمِ. أَمَّا الْبَائِعُ فَلِأَنَّ الْفَرَسَ زَالَ مِنْ مِلْكِهِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ دَارَ الْحَرْبِ، فَهُوَ قَدْ دَخَلَ وَلَيْسَ لَهُ فَرَسٌ. وَأَمَّا الْمُشْتَرِي فَلِأَنَّهُ دَخَلَ وَهُوَ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ مِنْ الْقِتَالِ عَلَى فَرَسِهِ. لِكَوْنِهِ مَحْبُوسًا عِنْدَ الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ، بِمَنْزِلَةِ الْمَرْهُونِ، وَإِنَّمَا صَارَ مُتَمَكِّنًا حِينَ نَقَدَ الثَّمَنَ فِي دَارِ الْحَرْبِ ابْتِدَاءً، فَكَأَنَّهُ اشْتَرَى الْفَرَسَ الْآنَ.

<<  <   >  >>