لِأَنَّ سَبَبَ اسْتِحْقَاقِ سَهْمِ الْفَرَسِ قَدْ انْعَقَدَ لَهُ، ثُمَّ يَبْطُلُ ذَلِكَ بِإِيدَاعِهِ إيَّاهُ مِنْ رَجُلٍ مَعَهُ فِي الْمُعَسْكَرِ لِبَقَاءِ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْأَخْذِ بَعْدَ الْإِيدَاعِ، وَقَدْ قَرَّرَنَا هَذَا فِي الْإِعَارَةِ. فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ تَرَكَهُ مَعَ غُلَامِهِ فِي الْمُعَسْكَرِ. فَكَمَا لَا يَبْطُلُ هُنَاكَ سَهْمُهُ لَا يَبْطُلُ هَاهُنَا. أَلَا تَرَى أَنَّ الْعَدُوَّ لَوْ حَضَرُوا الْعَسْكَرَ فَخَرَجَ إلَيْهِمْ رَاجِلًا وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى فَرَسِهِ، وَلَكِنْ تَرَكَهُ إبْقَاءً عَلَيْهِ. كَانَ لَهُ سَهْمُ الْفَرَسِ؟ فَكَذَلِكَ إذَا خَرَجَ فِي سَرِيَّةٍ وَتَرَكَهُ فِي الْمُعَسْكَرِ عِنْدَ بَعْضِ أَصْحَابِهِ لِيَقُومَ عَلَيْهِ وَيُسَمِّنَهُ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى ذَلِكَ أَوْ غَيْرُ مُحْتَاجٍ.
١٧٩٩ - وَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ نَفَلَ لِلْفُرْسَانِ مِنْ السَّرِيَّةِ نَفْلًا فَلَيْسَ لِهَذَا الرَّجُلِ مِنْ النَّفْلِ شَيْءٌ. لِأَنَّهُ قَصَدَ بِالتَّنْفِيلِ تَحْرِيضَهُمْ عَلَى إخْرَاجِ الْأَفْرَاسِ مَعَهُمْ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي وَجْهُهُمْ إلَيْهِ. فَمَنْ تَرَكَ فَرَسَهُ فِي الْمُعَسْكَرِ لَا يَدْخُلُ فِي هَذَا التَّنْفِيلِ، حَتَّى لَوْ خَرَجَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ رَجَّالَةً وَتَرَكُوا الْأَفْرَاسَ فِي الْمُعَسْكَرِ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ نَفْلِ الْفُرْسَانِ شَيْءٌ لِهَذَا الْمَعْنَى.
١٨٠٠ - وَلَوْ مَرَّ عَسْكَرُ الْمُسْلِمِينَ بِحِصْنٍ مِنْ حُصُونِهِمْ مُمْتَنِعِينَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، فَأَوْدَعَ مُسْلِمٌ فَرَسَهُ مِنْ رَجُلٍ كَانَ سَاكِنًا فِي الْحِصْنِ مُسْلِمًا مُسْتَأْمَنًا أَوْ ذِمِّيًّا أَوْ أَسِيرًا أَوْ حَرْبِيًّا، بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ قَرَابَةٌ، ثُمَّ قَاتَلَ رَاجِلًا وَهُوَ بِالْقُرْبِ مِنْ بَابِ الْحِصْنِ أَوْ بِالْبُعْدِ مِنْهُ، فَلَيْسَ لَهُ فِيمَا يُصَابُ إلَّا سَهْمُ رَاجِلٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute