للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِأَنَّهُ صَارَ مُضَيِّعًا فَرَسَهُ حِينَ جَعَلَهُ فِي مَنَعَةِ أَهْلِ الْحَرْبِ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ اسْتَهْلَكَ فَرَسَهُ، وَهَذَا لِأَنَّهُ أَزَالَ تَمَكُّنَهُ مِنْ الْقِتَالِ عَلَى الْفَرَسِ بِاخْتِيَارِهِ. فَإِنَّ أَهْلَ الْحَرْبِ إذَا مَنَعُوهُ مِنْهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إثْبَاتِ يَدِهِ عَلَى الْفَرَسِ بِقُوَّتِهِ، وَلَا بِقُوَّةِ الْإِمَامِ، إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى مَنْ هُوَ فِي مَنَعَةِ أَهْلِ الْحَرْبِ، بِخِلَافِ مَا سَبَقَ. فَهُنَاكَ إنَّمَا جُعِلَ الْفَرَسُ فِي يَدِ مُسْلِمٍ مِنْ أَهْلِ الْعَسْكَرِ، وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الِاسْتِرْدَادِ مِنْهُ مَتَى شَاءَ، فَلَا يَزُولُ بِهِ تَمَكُّنُهُ مِنْ الْقِتَالِ عَلَيْهِ.

١٨٠١ - فَإِنْ رَجَعَ إلَيْهِمْ بَعْدَ إصَابَةِ الْغَنَائِمِ وَأَخْذِ فَرَسِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهَا إلَّا سَهْمُ رَاجِلٍ، سَوَاءٌ لَقُوا قِتَالًا بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَلْقَوْا. أَمَّا إذَا لَمْ يَلْقَوْا قِتَالًا فَلَا إشْكَالَ، وَحَالُهُ كَحَالِ مَنْ بَاعَ فَرَسَهُ ثُمَّ اشْتَرَى فَرَسًا بَعْدَ إصَابَةِ الْغَنِيمَةِ. وَأَمَّا إذَا لَقُوا قِتَالًا فَلِأَنَّ لَهُ فِي الْمُصَابِ سَهْمُ رَاجِلٍ. وَإِنَّمَا قَاتَلَ دَفْعًا عَنْ ذَلِكَ، فَلَا يَزْدَادُ بِهِ سَهْمُهُ.

١٨٠٢ - وَكَذَلِكَ لَوْ دَخَلَ مَدِينَةً مِنْ مَدَائِنِهِمْ بِأَمَانٍ مَعَ فَرَسِهِ، فَأَصَابُوا غَنَائِمَ، ثُمَّ خَرَجَ إلَى الْمُعَسْكَرِ بَعْدَ ذَلِكَ، فَلَا نَصِيبَ لَهُ فِي تِلْكَ الْغَنِيمَةِ. لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُقَاتِلًا حِينَ دَخَلَ فِي مَنَعَتِهِمْ بِأَمَانٍ، فَلَا يَكُونُ هُوَ مِمَّنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ (ص ٣٢٥) حَقِيقَةً لَا حُكْمًا. وَلَكِنْ: حَالُهُ كَحَالِ مَنْ كَانَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مُسْتَأْمَنًا فِي هَذِهِ الْمَدِينَةِ، فَخَرَجَ وَالْتَحَقَ بِالْعَسْكَرِ، فَلَا شَرِكَةَ لَهُ فِيمَا أُصِيبَ قَبْلَ ذَلِكَ، إلَّا أَنَّ هَاهُنَا

<<  <   >  >>