إنْ لَقِيَ الْمُسْلِمُونَ قِتَالًا فَقَاتَلَ مَعَهُمْ دَفْعًا كَانَ لَهُ سَهْمُ الْفَارِسِ فِيمَا أُصِيبَ قَبْلَ ذَلِكَ. لِأَنَّهُ مَا كَانَ مُسْتَحِقًّا لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْمُصَابِ حَتَّى يَكُونَ قِتَالُهُ دَفْعًا عَنْ ذَلِكَ، فَيَثْبُتُ الْحَقُّ لَهُ بِهَذَا الْقِتَالِ، وَإِنَّمَا الْتَحَقَ بِهِمْ فَارِسًا فَيَسْتَحِقُّ سَهْمَ الْفُرْسَانِ، بِخِلَافِ مَا سَبَقَ.
١٨٠٣ - وَلَوْ كَانَ أُسِرَ عَلَى فَرَسِهِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا، كَانَ لَهُ سَهْمُ الْفَارِسِ، سَوَاءٌ الْتَحَقَ بِهِمْ فَارِسًا أَوْ رَاجِلًا. لِأَنَّهُ انْعَقَدَ لَهُ سَبَبُ الِاسْتِحْقَاقِ مَعَهُمْ بِدُخُولِ دَارِ الْحَرْبِ لِلْقِتَالِ، ثُمَّ لَمْ يَعْتَرِضْ بَعْدَ ذَلِكَ مَا يُبْطِلُهُ، فَإِنَّهُ أُسِرَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، وَلَمْ يَخْرُجْ بِهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُحَارِبًا. أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ قَتْلُهُمْ وَأَخْذُ أَمْوَالِهِمْ إنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ، فَهُنَاكَ تَرَكَ الْقِتَالَ مَعَهُمْ بِاخْتِيَارِهِ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ قَتْلُهُمْ وَلَا أَخْذُ أَمْوَالِهِمْ مَا دَامَ مُسْتَأْمَنًا فِيهِمْ.
١٨٠٤ - وَلَوْ كَانَ الْأَمِيرُ بَعَثَ إلَيْهِمْ رَسُولًا فِي بَعْضِ حَوَائِجِ الْمُسْلِمِينَ، فَلَمَّا دَخَلَ الرَّسُولُ إلَيْهِمْ بِأَمَانٍ أَصَابَ الْمُسْلِمُونَ غَنَائِمَ بَعْدَ ذَلِكَ، ثُمَّ خَرَجَ الرَّسُولُ، فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ سَهْمَ الْفُرْسَانِ مَعَهُمْ إنْ كَانَ فَارِسًا، سَوَاءٌ خَرَجَ إلَيْهِمْ فَارِسًا أَوْ رَاجِلًا. لِأَنَّ الرَّسُولَ لَمْ يَتْرُكْ الْمُحَارَبَةَ مَعَهُمْ، وَإِنَّمَا أَتَاهُمْ لِيُدَبِّرَ أَمْرَ الْحَرْبِ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يَكُونُ فِي الْمُعَسْكَرِ، بِخِلَافِ الْمُسْتَأْمَنِ إلَيْهِمْ لِحَاجَةِ نَفْسِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute