للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْقِتَالِ. وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فِيمَا إذَا رَجَعْنَا إلَى الْعَسْكَرِ لَا عَلَى قَصْدِ الْقِتَالِ ثَبَتَ فِيمَا إذَا كَانَا مُسْتَأْمَنَيْنِ فِي دَارِ الْحَرْبِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى. أَلَا تَرَى أَنَّهُمَا لَوْ لَمْ يَسْتَأْمِنَا إلَيْهِمْ وَلَكِنَّهُمَا تَرَكَا الْقِتَالَ وَاشْتَغَلَا بِالتِّجَارَةِ فِي الْمُعَسْكَرِ، وَتَبَيَّنَ ذَلِكَ لِلْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ أَصَابَ الْمُسْلِمُونَ الْغَنَائِمَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا شَرِكَةٌ فِيهَا. فَبَعْدَ الِاسْتِئْمَانِ إلَيْهِمْ أَحْرَى أَنْ لَا يَكُونَ لَهُمَا شَرِكَةٌ.

١٨٠٦ - وَلَوْ دَخَلَ مُسْلِمٌ فَارِسًا مَعَ الْجَيْشِ وَلَيْسَ لَهُ اسْمٌ فِي الدِّيوَانِ، فَلَمَّا أَصَابُوا غَنَائِمَ قَالَ: دَخَلْت لِلْقِتَالِ مُتَطَوِّعًا. وَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: دَخَلْت تَاجِرًا، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ. لِأَنَّ الْمُسْلِمَ مُحَارِبٌ لِلْمُشْرِكِينَ فِي الْأَصْلِ. فَإِنَّ مُخَالَفَتَهُ إيَّاهُمْ فِي الدِّينِ وَالدَّارِ تَحْمِلُهُ عَلَى الْمُحَارَبَةِ مَعَهُمْ، فَمَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ خِلَافُ ذَلِكَ يَكُونُ هُوَ مُحَارِبًا، وَالْمُسْلِمُونَ بِقَوْلِهِمْ: دَخَلْت تَاجِرًا عَلَيْهِ سَبَبُ الْحِرْمَانِ، وَهُوَ مُنْكِرٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ. (ص ٣٢٦) .

١٨٠٧ - وَإِنْ كَانَ الدَّاخِلُ ذِمِّيًّا أَوْ عَبْدًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ امْرَأَةً وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَلَا شَيْءَ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ، مَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ دَخَلَ لِلْقِتَالِ، وَأَنَّ الْمَرْأَةَ دَخَلَتْ لِمُدَاوَاةِ الْجَرْحَى. لِأَنَّ هَؤُلَاءِ بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ غَيْرُ مُقَاتِلِينَ. فَلَيْسَ لِلْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ بَيِّنَةٌ صَالِحَةٌ لِلْمُحَارَبَةِ. وَالْعَبْدُ مَحْجُورٌ عَنْ الْقِتَالِ لِحَقِّ مَوْلَاهُ. وَالذِّمِّيُّ مُوَافِقٌ لَهُمْ فِي الِاعْتِقَادِ، وَذَلِكَ يَمْنَعُهُ مِنْ الْمُحَارَبَةِ مَعَهُمْ. فَمَا لَمْ يُعْلَمْ بِالْحُجَّةِ قَصْدُهُمْ إلَى الْمُحَارَبَةِ أَوْ مُبَاشَرَةِ الْمُحَارَبَةِ لَا يَكُونُ لَهُمْ فِي الْمُصَابِ شَيْءٌ، بِخِلَافِ مَا سَبَقَ.

١٨٠٨ - وَالدَّلِيلُ عَلَى الْفَرْقِ أَنَّ مَنْ لَا يُعْلَمُ حَالُهُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ

<<  <   >  >>