للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِأَنَّ سَبَبَ اسْتِحْقَاقِ سَهْمِ الْفَرَسِ قَدْ انْعَقَدَ لَهُ بِالِانْفِصَالِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ عَلَى قَصْدِ الْقِتَالِ عَلَيْهِ، فَمَا بَقِيَ فَرَسُهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ يَبْقَى ذَلِكَ الِاسْتِحْقَاقُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَمَكِّنًا مِنْ الْقِتَالِ عَلَيْهِ حَقِيقَةً لِبُعْدِهِ مِنْهُ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَعَارَهُ فِي الْمُعَسْكَرِ ثُمَّ خَرَجَ فِي سَرِيَّةٍ رَاجِلًا وَبَعُدَ مِنْ الْمُعَسْكَرِ كَانَ لَهُ سَهْمُ الْفَارِسِ فِي الْمُصَابِ؟ وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ إلَيْهِمْ. فَكَذَلِكَ مَا سَبَقَ. أَرَأَيْت لَوْ بَدَا لِلْمُسْتَعِيرِ فَرَجَعَ إلَى الْعَسْكَرِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ. فَرُدَّ الْفَرَسُ عَلَيْهِ، أَمَا كَانَ لَهُ سَهْمُ الْفُرْسَانِ فِيمَا أُصِيبَ قَبْلَ رُجُوعِهِ؟ وَهُوَ فَارِسٌ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ؟ وَهَذَا لِأَنَّ دَارَ الْحَرْبِ فِي حُكْمِ مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فِيمَا يَبْتَنِي عَلَيْهِ اسْتِحْقَاقُ الْغَنِيمَةِ. وَلِهَذَا يُشَارِكُ الْمَدَدُ الْجَيْشَ وَالْعَسْكَرُ أَصْحَابَ السَّرِيَّةِ فِي الْمُصَابِ إذَا الْتَقَوْا فِي دَارِ الْحَرْبِ. فَهَاهُنَا مَا دَامَ فَرَسُهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ يُجْعَلُ فِي الْحُكْمِ كَأَنَّهُ حَاضِرٌ مَعَهُ، بِخِلَافِ مَا بَعْدَ إخْرَاجِهِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، وَهُوَ نَظِيرُ الْمَسْجِدِ فِي حُكْمِ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِالْإِمَامِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الصُّفُوفُ مُتَّصِلَةً مَعَ الْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ خَارِجُ الْمَسْجِدِ.

١٨١١ - وَلَوْ عَادَ الْمُسْتَعِيرُ بِالْفَرَسِ إلَى الْمُعَسْكَرِ بَعْدَ مَا خَرَجَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَلِلْمُعِيرِ سَهْمُ الْفَارِسِ فِيمَا أُصِيبَ بَعْدَ دُخُولِ الْمُسْتَعِيرِ دَارَ الْحَرْبِ، كَمَا أَنَّ لَهُ سَهْمُ الْفَارِسِ فِيمَا أُصِيبَ قَبْلَ خُرُوجِ الْمُسْتَعِيرِ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ. وَأَمَّا فِيمَا أُصِيبَ بَعْدَ خُرُوجِ الْمُسْتَعِيرِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَلَهُ سَهْمُ الرَّجَّالَةِ خَاصَّةً. لِلْمَعْنَى الَّذِي بَيَّنَّا.

<<  <   >  >>