هُنَاكَ فَحَمَلَهُ فِي حَاجَةِ نَفْسِهِ فَهُوَ لَهُ. وَهَذَا عِنْدَنَا صَحِيحٌ فِيمَا لَا قِيمَةَ لَهُ فِي دَارِنَا أَيْضًا، فَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُ فِي الْغَنِيمَةِ.
لِأَنَّ بِمُجَرَّدِ النَّقْلِ مِنْ مَكَان إلَى مَكَان لَمْ تَتَبَدَّلْ الْعَيْنُ وَإِنَّمَا تَمَكَّنَ مِنْ إخْرَاجِهِ بِقُوَّةِ الْمُسْلِمِينَ. فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْغَنَائِمِ.
وَكَأَنَّ مَكْحُولًا جَعَلَ النَّقْلَ مُحْدِثًا صِفَةَ التَّقَوُّمِ فِيهِ، بِمَنْزِلَةِ الصَّنْعَةِ حَتَّى قَالَ: فَمَا اقْتَطَعْت مِنْ شَجَرِ الْعَدُوِّ فَعَمِلْته قَدَحًا أَوْ مِرْزَبَّةً أَوْ مَزَادَةً فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَمَا وَجَدْت مِنْ ذَلِكَ مَعْمُولًا فَرُدَّهُ فِي الْغَنِيمَةِ.
وَبِهَذَا نَأْخُذُ.
فَإِنَّ الْمَعْمُولَ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ بِصَنْعَتِهِ، وَقَبْلَ الْعَمَلِ لَا يَكُونُ مَالًا مُتَقَوِّمًا.
فَإِذَا صَيَّرَهُ مَالًا مُتَقَوِّمًا بِصَنْعَتِهِ فَهُوَ لَهُ خَاصَّةً، بِمَنْزِلَةِ مَنْ اتَّخَذَ الْكُوزَ مِنْ تُرَابِ غَيْرِهِ، لَكِنَّا نُفَرِّقُ بَيْنَ الصَّنْعَةِ وَالنَّقْلِ، لِأَنَّ بِالصَّنْعَةِ تَتَبَدَّلُ الْعَيْنُ، فَيَكُونُ الْمُتَقَوِّمُ شَيْئًا آخَرَ، هُوَ حَادِثٌ بِصَنْعَتِهِ، فَأَمَّا بِالنَّقْلِ فَلَا تَتَبَدَّلُ الْعَيْنُ.
١٨٨٣ - ثُمَّ رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إيَّاكُمْ وَرِبَا الْغُلُولِ» . وَفُسِّرَ ذَلِكَ بِأَنْ يَرْكَبَ دَابَّةً مِنْ الْفَيْءِ، حَتَّى إذَا أَعْجَفَهَا رَدَّهَا فِي الْمَغْنَمِ، أَوْ يَلْبَسَ ثَوْبًا حَتَّى إذَا خَلُقَ رَدَّهُ فِي الْمَغْنَمِ، أَوْ يَنْكِحَ الْجَارِيَةَ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute