فَقلت: يَا نَبِي الله، مَا أجد أحدا أَدْعُو. قَالَ:" ارْفَعُوا طَعَامكُمْ ". وَبَقِي ثَلَاثَة رَهْط يتحدثون فِي الْبَيْت، فَخرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَانْطَلق إِلَى حجرَة عَائِشَة فَقَالَ:" السَّلَام عَلَيْكُم أهل الْبَيْت وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته " فَقَالَت: وَعَلَيْك السَّلَام وَرَحْمَة الله، كَيفَ وجدت أهلك بَارك الله لَك. فتقرى حجر نِسَائِهِ كُلهنَّ يَقُول لَهُنَّ كَمَا يَقُول لعَائِشَة، وَيَقُلْنَ لَهُ كَمَا قَالَت عَائِشَة. ثمَّ رَجَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَإِذا رهطٌ ثَلَاثَة فِي الْبَيْت يتحدثون، وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَدِيد الْحيَاء، فَخرج مُنْطَلقًا نَحْو حجرَة عَائِشَة، فَمَا أَدْرِي آخبرته أم أخبر أَن الْقَوْم قد رجعُوا، فَرجع حَتَّى وضع رجله فِي أُسْكُفَّة الْبَاب. دَاخله وَأُخْرَى خَارجه، أرْخى السّتْر بيني وَبَينه، وَأنزل الْحجاب.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث حميد عَن أنس قَالَ:
أولم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين بنى بِزَيْنَب بنت جحش، فأشبع النَّاس خبْزًا وَلَحْمًا، وَخرج إِلَى حجر أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ كَمَا كَانَ يصنع صَبِيحَة بنائِهِ، فَيسلم عَلَيْهِنَّ وَيَدْعُو لَهُنَّ، ويسلمن عَلَيْهِ وَيدعونَ لَهُ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى بَيته رأى رجلَيْنِ جرى بَينهمَا الحَدِيث، فَلَمَّا رآهما رَجَعَ عَن بَيته، فَلَمَّا رأى الرّجلَانِ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَجَعَ عَن بَيته وثبا مُسْرِعين، فَمَا أَدْرِي أَنا أخْبرته بخروجهما أَو أخبر، فَرجع حَتَّى دخل الْبَيْت، فَأرْخى السّتْر بيني وَبَينه، وأنزلت آيَة الْحجاب.
وَأخرج البُخَارِيّ أَيْضا طرفا مِنْهُ وَزِيَادَة من حَدِيث عِيسَى بن طهْمَان عَن أنس قَالَ:
نزلت آيَة الْحجاب فِي زَيْنَب بنت جحش، وَأطْعم عَلَيْهَا يومئذٍ خبْزًا وَلَحْمًا، وَكَانَت تَفْخَر على نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَتقول: إِن الله أنكحني من السَّمَاء.