فُلَانَة الحرامي مَال، فَأتيت أَهله فَسلمت فَقلت: أَثم هُوَ؟ قَالُوا: لَا، فَخرج عَليّ ابنٌ لَهُ جفر، فَقلت لَهُ، أَيْن أَبوك؟ قَالَ: سمع صَوْتك فَدخل أريكة أُمِّي.
فَقلت: أخرج إِلَيّ، فقد علمت أَيْن أَنْت. فَخرج فَقلت: مَا حملك على أَن اخْتَبَأْت مني؟ قَالَ: أَنا وَالله أحَدثك ثمَّ لَا أكذبك، خشيت وَالله أَن أحَدثك فأكذبك، وَأَن أعدك فأخلفك، وَكنت صَاحب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكنت وَالله مُعسرا، قَالَ: قلت: آللَّهُ؟ قَالَ: الله. قَالَ: قلت: آللَّهُ؟ قَالَ: الله. قَالَ: قلت: الله؟ قَالَ: الله. قَالَ: قَالَ: فَأتى بصحيفته فمحاها بِيَدِهِ وَقَالَ: فَإِن وجدت قَضَاء فاقضني، وَإِلَّا فَأَنت فِي حلٍّ. فَأشْهد بصر عَيْني هَاتين - وَوضع يَدَيْهِ على عَيْنَيْهِ - وَسمع أُذُنِي هَاتين، ووعاه قلبِي هَذَا - وَأَشَارَ إِلَيّ نِيَاط قلبه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يَقُول: " من أنظر مُعسرا أَو وضع عَنهُ أظلهُ الله فِي ظله ".
قَالَ: فَقلت لَهُ أَنا: يَا عَم، لَو أَنَّك أخذت بردة غلامك وأعطيته معافريك، وَأخذت معافريه وأعطيته بردتك، فَكَانَت عَلَيْك حلةٌ وَعَلِيهِ حلَّة. فَمسح رَأْسِي وَقَالَ: اللَّهُمَّ بَارك فِيهِ، يَا ابْن أخي، بصر عَيْني هَاتين، وَسمع أُذُنِي هَاتين، ووعاه قلبِي هَذَا - وَأَشَارَ إِلَى نِيَاط قلبه، رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يَقُول: " أطعموهم مِمَّا تَأْكُلُونَ، وألبسوهم مِمَّا تلبسُونَ " وَكَانَ أَن أعْطِيه من مَتَاع الدُّنْيَا أَهْون عَليّ من أَن يَأْخُذ من حسناتي يَوْم الْقِيَامَة.
ثمَّ مضينا حَتَّى أَتَيْنَا جَابر بن عبد الله فِي مَسْجده وَهُوَ يُصَلِّي فِي ثوب وَاحِد مُشْتَمِلًا، فتخطينا الْقَوْم حَتَّى جَلَست بَينه وَبَين الْقبْلَة، فَقلت: يَرْحَمك الله، أَتُصَلِّي فِي ثوبٍ واحدٍ وبرداك إِلَى جَنْبك. قَالَ: فَقَالَ بِيَدِهِ فِي صَدْرِي هَكَذَا وَقرن بَين أَصَابِعه وقوسها: أردْت أَن يدْخل عَليّ الأحمق مثلك فيراني كَيفَ أصنع فيصنع مثله.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute