إِنِّي سَمِعت عَائِشَة تَقول: إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَوْلَا أَن النَّاس حديثٌ عَهدهم بِكفْر، وَلَيْسَ عِنْدِي من النَّفَقَة مَا يُقَوي على بنائِهِ، لَكُنْت أدخلت قيه من الْحجر خمس أَذْرع، ولجعلت بِهِ بَابا يدْخل النَّاس مِنْهُ وباباً يخرج النَّاس مِنْهُ. " قَالَ: فَأَنا الْيَوْم أجد مَا أنْفق، وَلست أَخَاف النَّاس، قَالَ: فَزَاد فِيهِ خمس أَذْرع من الْحجر، حَتَّى أبدى أساً نظر النَّاس إِلَيْهِ. فَبنى عَلَيْهِ الْبناء، وَكَانَ طول الْكَعْبَة ثَمَانِيَة عشر ذِرَاعا، فَلَمَّا زَاد فِيهِ استقصره، فَزَاد فِي طوله عشرَة أَذْرع، وَجعل لَهُ بَابَيْنِ أَحدهمَا يدْخل مِنْهُ، وَالْآخر يخرج مِنْهُ.
فَلَمَّا قتل ابْن الزبير كتب الْحجَّاج إِلَى عبد الله بن مَرْوَان يُخبرهُ بذلك، ويخبره أَن ابْن الزبير قد وضع الْبناء على أسٍّ نظر إِلَيْهِ الْعُدُول من أهل مَكَّة، فَكتب إِلَيْهِ عبد الْملك: إِنَّا لسنا من تلطيخ ابْن الزبير فِي شَيْء. أما مَا زَاد فِي طوله فأقره، وَأما مَا زَاد فِيهِ من الْحجر فَرده إِلَى بنائِهِ، وسد الْبَاب الَّذِي فَتحه. فنقضه وَأَعَادَهُ إِلَى بنائِهِ.
وَمن حَدِيث عبد الله بن عبيد بن عُمَيْر والوليد بن عَطاء عَن الْحَارِث بن عبد الله ابْن أبي ربيعَة، قَالَ عبد الله بن عبيد:
وَفد الْحَارِث على عبد الْملك بن مَرْوَان فِي خِلَافَته، فَقَالَ: مَا أَظن أَبَا خبيبٍ - يَعْنِي ابْن الزبير - سمع من عَائِشَة مَا كَانَ يزْعم أَنه سَمعه مِنْهَا. قَالَ الْحَارِث: بلَى، أَنا سمعته مِنْهَا. قَالَ: سَمعتهَا تَقول مَاذَا؟ قَالَ: قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن قَوْمك استقصروا من بُنيان الْبَيْت، وَلَوْلَا حدثان