هَاجر إِلَى الْحَبَشَة نفرٌ من الْمُسلمين، وتجهز أَبُو بكر مُهَاجرا، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:" على رسلك، فَإِنِّي أَرْجُو أَن يُؤذن لي " فَقَالَ أَبُو بكر: أَو ترجوه بِأبي أَنْت؟ : قَالَ: " نعم " فحبس أَبُو بكر نَفسه على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَذكر نَحوا مِمَّا قدمنَا إِلَى قَوْله: واستأجر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبُو بكر رجلا من بني الدئل.
وَأخرج البُخَارِيّ طرفا مِنْهُ من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
اسْتَأْذن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبُو بكر فِي الْخُرُوج حِين اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْأَذَى، فَقَالَ " أقِم " فَقَالَ: يَا رَسُول الله، أتطمع أَن يُؤذن لَك؟ فَكَانَ يَقُول:" إِنِّي لأرجو ذَلِك " قَالَ: فانتظره أَبُو بكر، فَأَتَاهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات يَوْم ظهرا فَقَالَ لَهُ:" أخرج من عنْدك " فَقَالَ أَبُو بكر: إِنَّمَا هما ابنتاي. فَقَالَ:" اشعرت أَنه قد أذن لي فِي الْخُرُوج " فَقَالَ: يَا رَسُول الله، الصُّحْبَة؟ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:" الصُّحْبَة " فَقَالَ: يَا رَسُول الله، عِنْدِي ناقتان قد كنت أعددتهما لِلْخُرُوجِ، فَأعْطى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِحْدَاهمَا وَهِي الجدعاء، فركبها، فَانْطَلقَا حَتَّى أَتَيَا الْغَار وَهُوَ بثور، فتواريا فِيهِ، وَكَانَ عَامر بن فهَيْرَة غُلَاما لعبد الله بن الطُّفَيْل بن سَخْبَرَة أخي عَائِشَة لأمها، وَكَانَت لأبي بكر منحةٌ، فَكَانَ يروح بهَا وَيَغْدُو عَلَيْهِم، وَيُصْبِح فيدلج إِلَيْهِمَا، ثمَّ يسرح فَلَا يفْطن لَهُ أحد من الرعاء. فَلَمَّا خرجا خرج مَعَهُمَا يعقبانه، حَتَّى قدما الْمَدِينَة، فَقتل عَامر بن فهَيْرَة يَوْم بِئْر مَعُونَة.