ووكل سرائرهم إِلَى الله حَتَّى جِئْت، فَلَمَّا سلمت تَبَسم تَبَسم الْمُغْضب. ثمَّ قَالَ:" تعال " فَجئْت أَمْشِي حَتَّى جَلَست بَين يَدَيْهِ، فَقَالَ: مَا خَلفك؟ ألم تكن قد ابتعت ظهرك؟ " قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله، إِنِّي وَالله لَو جَلَست عِنْد غَيْرك من أهل الدُّنْيَا لرأيت أَنِّي سأخرج من سخطه بِعُذْر، لقد أَعْطَيْت جدلاً، وَلَكِنِّي - وَالله - لقد علمت، لَئِن حدثتك الْيَوْم حَدِيث كذبٍ ترْضى بِهِ عني ليوشكن الله أَن يسخطك عَليّ، وَلَئِن حدثتك حَدِيث صدق تَجِد عَليّ فِيهِ - إِنِّي لأرجو فِيهِ عُقبى الله عز وَجل - وَفِي رِوَايَة عقيل - عَفْو الله. وَالله مَا كَانَ لي من عذرٍ، وَالله مَا كنت قطٌّ أقوى وَلَا أيسر مني حِين تخلفت عَنْك، قَالَ: فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أما هَذَا فقد صدق، فَقُمْ حَتَّى يقْضِي الله فِيك فَقُمْت.
وثار رجالٌ من بن سلمى فَاتبعُوني، فَقَالُوا لي: وَالله مَا علمناك أذنبت ذَنبا قبل هَذَا، لقد عجزت فِي أَلا تكون اعتذرت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَا أعْتَذر إِلَيْهِ الْمُخَلفُونَ، فقد كَانَ كافيك ذَنْبك اسْتِغْفَار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَك. قَالَ: فوَاللَّه مَا زَالُوا يؤنبونني حَتَّى أردْت أَن أرجع إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأكذب نَفسِي. قَالَ: ثمَّ قلت لَهُم: هَل لَقِي هَذَا معي من أحد؟ قالو: نعم، لقِيه رجلَانِ قَالَا مثل مَا قلت، وَقيل لَهما مثل مَا قيل لَك. قَالَ: قلت: من هما؟ قَالُوا: مرَارَة بن ربيعَة العامري وهلال بن أُميَّة الوَاقِفِي. قَالَ: فَذكرُوا لي رجلَيْنِ صالحين قد شَهدا بَدْرًا، فيهمَا أُسْوَة، قَالَ: فمضيت حِين ذكروهما لي. قَالَ: وَنهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُسلمين عَن كلامنا - أَيهَا الثَّلَاثَة - من بَين من تخلف عَنهُ.