أوسم وَأحب إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْك، فَتَبَسَّمَ أُخْرَى. فَقلت: أستأنس يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قَالَ: " نعم ". فَجَلَست، فَرفعت رَأْسِي فِي الْبَيْت، فوَاللَّه مَا رَأَيْت فِيهِ شَيْئا يرد الْبَصَر إِلَّا أهباً ثَلَاثَة، فَقلت: ادْع الله أَن يُوسع على أمتك، فقد وسع على فَارس وَالروم وهم لَا يعْبدُونَ الله، فَاسْتَوَى جَالِسا ثمَّ قَالَ: " أَفِي شكّ أَنْت يَا ابْن الْخطاب؟ أُولَئِكَ قومٌ عجلت لَهُم طَيِّبَاتهمْ هم فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا "، فَقلت: اسْتغْفر لي يَا رَسُول الله.
قَالَ: وَكَانَ أقسم أَلا يدْخل عَلَيْهِنَّ شهرا من أجل ذَلِك الحَدِيث حِين أفشته حَفْصَة إِلَى عَائِشَة، من شدَّة موجدته عَلَيْهِنَّ، حَتَّى عاتبه الله تَعَالَى.
قَالَ الزُّهْرِيّ:
فَأَخْبرنِي عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: لما مَضَت تسع وَعِشْرُونَ لَيْلَة دخل عَليّ رَسُول الله بداري فَقلت: يَا رَسُول الله، إِنَّك أَقْسَمت أَلا تدخل علينا شهرا، وَإنَّك دخلت من تسعٍ وَعشْرين أعدهن. فَقَالَ: " إِن الشَّهْر تسعٌ وَعِشْرُونَ ". زَاد فِي رِوَايَة: وَكَانَ ذَلِك الشَّهْر تسعا وَعشْرين لَيْلَة، ثمَّ قَالَ: " يَا عَائِشَة، إِنِّي ذاكرٌ لَك أمراٌ، فَلَا عَلَيْك أَلا تعجلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْك، ثمَّ قَرَأَ: {يَا أَيهَا النَّبِي قل لِأَزْوَاجِك إِن كنتن تردن الحيا ة الدُّنْيَا وَزينتهَا} حَتَّى بلغ إِلَى قَوْله: {عَظِيما} [سُورَة الْأَحْزَاب] قَالَت عَائِشَة: قد علمت وَالله أَن أَبَوي لم يَكُونَا ليأمراني بِفِرَاقِهِ، فَقلت: أَو فِي هَذَا أَستَأْمر أَبَوي؟ فَإِنِّي أُرِيد الله وَرَسُوله وَالدَّار الْآخِرَة.
وَفِيه. عَن معمر أَن أَيُّوب قَالَ لَهُ:
إِن عَائِشَة قَالَت: لَا تخبر نِسَاءَك أنني اخْتَرْتُك، فَقَالَ لَهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن الله أَرْسلنِي مبلغا وَلم يُرْسِلنِي مُتَعَنتًا ".
قَالَ قَتَادَة: صغت قُلُوبكُمَا: مَالَتْ قُلُوبكُمَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute