صَالح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُشْركين يَوْم الْحُدَيْبِيَة على ثَلَاثَة أَشْيَاء: على أَن من أَتَاهُ من الْمُشْركين رده إِلَيْهِم، وَمن أَتَاهُم من الْمُسلمين لم يردوه، وعَلى أَن يدخلهَا من قابلٍ، وَيُقِيم بهَا ثَلَاثَة أَيَّام. وَلَا يدخلهَا إِلَّا بجلبان السِّلَاح: السَّيْف والقوس وَنَحْوه. فجَاء أَبُو جندلٍ يحجل فِي قيوده، فَرده إِلَيْهِم.
وَفِي حَدِيث يُوسُف بن أبي إِسْحَاق:
ان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما أَرَادَ أَن يعْتَمر أرسل إِلَى أهل مَكَّة يستأذنهم ليدْخل مَكَّة، فَاشْتَرَطُوا عَلَيْهِ أَلا يُقيم بهَا إِلَّا ثَلَاث لَيَال، وَلَا يدخلهَا إِلَّا بجلبان السِّلَاح، وَلَا يَدْعُو مِنْهُم أحدا. قَالَ: فَأخذ يكْتب الشَّرْط بَينهم عَليّ بن أبي طَالب فَكتب: هَذَا مَا قاضى عَلَيْهِ مُحَمَّد رَسُول الله. فَقَالُوا: لَو علمنَا أَنَّك رَسُول الله لم نَمْنَعك وبايعناك، وَلَكِن اكْتُبْ: مُحَمَّد بن عبد الله. فَقَالَ:" أَنا وَالله - مُحَمَّد بن عبد الله، وَأَنا رَسُول الله. " قَالَ: وَكَانَ لَا يكْتب، فَقَالَ لعَلي:" امح: رَسُول الله ". فَقَالَ: وَالله لَا أمحوه أبدا. قَالَ " فأرنيه " فَأرَاهُ إِيَّاه فمحاه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِيَدِهِ. فَلَمَّا دخل وَقضى الْأَجَل أَتَوا علياًّ فَقَالُوا: مر صَاحبك فليرتحل. فَذكر ذَلِك عليٌّ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ:" نعم " ثمَّ ارتحل.
وَفِي رِوَايَة إِسْرَائِيل عَن أبي إِسْحَاق: ثمَّ قَالَ لعَلي: " امح: رَسُول الله " قَالَ: لَا، وَالله لَا أمحوك أبدا. فَأخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْكتاب - وَلَيْسَ يحسن يكْتب - فَكتب: هَذَا مَا قاضى عَلَيْهِ مُحَمَّد بن عبد الله. . الحَدِيث نَحوه. وَفِيه ذكر بنت حَمْزَة، وَالْأَخْذ لَهَا، وَالْخُصُومَة فِيهَا.